5552 - حدثنا نصر بن مرزوق قال : أخبرنا ، قال : ثنا أسد ، عن حماد بن سلمة ، أيوب ، وهشام بن عروة ، عن وحبيب ، عن محمد بن سيرين ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثله . غير أنه قال : أبي هريرة ردها وصاعا من طعام ، لا سمراء .
قال : فذهب قوم إلى أن الشاة المصراة إذا اشتراها رجل فحلبها ، فلم يرض حلابها ، فيما بينه وبين ثلاثة أيام ، كان بالخيار ، إن شاء أمسكها ، وإن شاء ردها ، ورد معها صاعا من تمر ، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار . وممن ذهب إلى ذلك أبو جعفر ابن أبي ليلى إلا أنه قال : " يردها ويرد معها قيمة صاع من تمر " . وقد كان أيضا قال بهذا القول في بعض أماليه ، غير أنه ليس بالمشهور عنه . وخالف ذلك كله آخرون ، فقالوا : ليس للمشتري ردها بالعيب ، ولكنه يرجع على البائع بنقصان العيب . وممن قال ذلك ، أبو يوسف ، أبو حنيفة - رحمة الله عليهما . وذهبوا إلى أن ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك ، مما تقدم ذكرنا له في هذا الباب ، منسوخ . فروي عنهم هذا الكلام مجملا ، ثم اختلف عنهم من بعد في الذي نسخ ذلك ما هو ؟ فقال ومحمد بن الحسن - فيما أخبرني عنه محمد بن شجاع ابن أبي عمران - نسخه قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا " وقد ذكرنا ذلك بأسانيده ، فيما تقدم من هذا الكتاب . فلما قطع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالفرقة الخيار ، ثبت بذلك أنه لا خيار لأحد بعدها إلا لمن استثناه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث بقوله : " إلا بيع الخيار " . قال : وهذا التأويل ، عندي ، فاسد لأن الخيار المجعول في المصراة ، إنما هو خيار عيب ، وخيار العيب لا يقطعه الفرقة . ألا ترى أن رجلا لو اشترى عبدا فقبضه ، وتفرقا ، ثم رأى به عيبا بعد ذلك ، أن له رده على بائعه ، باتفاق المسلمين ، لا يقطع ذلك التفرق ، الذي روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الآثار المذكورة عنه في ذلك . فكذلك المبتاع للشاة المصراة ، فإذا قبضها فاحتلبها ، فعلم أنها على غير ما كان ظهر له منها ، وكان ذلك لا يعلمه في احتلابه مرة ولا مرتين ، جعلت له في ذلك هذه المدة ، وهي ثلاثة أيام ، حتى يحلبها في ذلك ، فيقف على حقيقة ما هي عليه . فإن كان باطنها كظاهرها ، فقد لزمته واستوفى ما اشترى . أبو جعفر
[ ص: 20 ] وإن كان ظاهرها بخلاف باطنها ، فقد ثبت العيب ، ووجب له ردها به . فإن حلبها بعد الثلاثة أيام ، فقد حلبها بعد علمه بعيبها ، فذلك رضاء منه بها . فلهذه العلة التي ذكرت ، وجب فساد التأويل الذي وصفت .
وقال عيسى بن أبان : كان ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الحكم في المصراة ، بما في الآثار الأول ، في وقت ما كانت العقوبات في الذنوب ، يؤخذ بها الأموال . فمن ذلك ما قد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الزكاة أنه " من أداها طائعا ، فله أجرها ، وإلا أخذناها منه وشطر ماله ، عزمة من عزمات ربنا - عز وجل " .
ومن ذلك ما روي عنه في حديث في سارق الثمرة التي لم تحرز فإنه يضرب جلدات ، ويغرم مثليها . وقد ذكرنا ذلك بأسانيده في " باب وطء الرجل جارية امرأته " فأغنانا ذلك عن إعادة ذكرها هاهنا . قال : فلما كان الحكم في أول الإسلام كذلك حتى نسخ الله الربا أفردت الأشياء المأخوذة إلى أمثالها ، إن كانت لها أمثال ، وإلى قيمتها ، إن كانت لا أمثال لها ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد نهى عن التصرية ، وروي عنه في ذلك . عمرو بن شعيب