5553 - فذكر ما قد حدثنا ، قال : ثنا الربيع المؤذن ، قال : ثنا أسد المسعودي ، عن جابر الجعفي ، عن ، عن أبي الضحى ، عن مسروق قال : عبد الله أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : إن بيع المحفلات خلابة ، ولا يحل خلابة مسلم أشهد على الصادق المصدوق .
فكان من فعل ذلك وباع ما قد جعل يبيعه إياه مخالفا لما أمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وداخلا فيما نهى عنه ، فكانت عقوبته في ذلك أن يجعل اللبن المحلوب في الأيام الثلاثة للمشتري بصاع من تمر ، ولعله يساوي آصعا كثيرة ، ثم نسخت العقوبات في الأموال بالمعاصي ، وردت الأشياء إلى ما ذكرنا . فلما كان ذلك كذلك ، ووجب رد المصراة بعينها ، وقد زايلها اللبن ، علمنا أن ذلك اللبن الذي أخذه المشتري منها ، قد كان بعضه في ضرعها ، في وقت وقوع البيع عليها ، فهو في حكم المبيع ، وبعضه حدث في ضرعها في ملك المشتري ، بعد وقوع البيع عليها ، فذلك للمشتري .
فلما لما يمكن رد اللبن بكماله على البائع ، إذا كان بعضه بما لم يملك بيعه ، ولم يمكن أن يجعل اللبن كله للمشتري إن كان ملك بعضه من قبل البائع ببيعه إياه الشاة التي قد ردها عليه بالعيب ، وكان ملكه له إياه بجزء من الثمن الذي كان وقع به البيع ، فلا يجوز أن يرد الشاة بجميع الثمن ويكون ذلك اللبن سالما له بغير ثمن . فلما كان ذلك كذلك ، منع المشتري من ردها ، ورجع على بائعه بنقصان عيبها ، قال عيسى : ( فهذا وجه حكم بيع المصراة ) .
[ ص: 21 ] قال : والذي قال أبو جعفر عيسى من هذا ، يحتمل غير ما قال ، إني رأيت في ذلك وجها هو أشبه عندي بنسخ هذا الحديث من ذلك الوجه الذي ذهب إليه عيسى . وذلك أن لبن المصراة الذي احتلبه المشتري منها ، في الثلاثة الأيام التي احتلبها فيها ، قد كان بعضه في ملك البائع قبل الشراء ، وحدث بعضه في ملك المشتري بعد الشراء ، إلا أنه قد احتلبها مرة بعد مرة .
فكان ما كان في يد البائع من ذلك مبيعا ، إذا أوجب نقض البيع في الشاة ، وجب نقض البيع فيه .
وما حدث في يد المشتري من ذلك ، فإنما كان ملكه ، بسبب البيع أيضا ، وحكمه حكم الشاة ، لأنه من بدنها ، هذا على مذهبنا .
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد جعل لمشتري المصراة بعد ردها ، جميع لبنها الذي كان حلبه منها بالصاع من التمر الذي أوجب عليه رده مع الشاة .
وذلك اللبن حينئذ قد تلف ، أو تلف بعضه ، فكان المشتري قد ملك لبنا دينا ، بصاع تمر دين ، فدخل ذلك في بيع الدين بالدين ثم نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بعد ، عن بيع الدين بالدين .