[ ص: 61 ] 5744 - حدثنا عبد الله بن محمد بن خشيش قال : ثنا قال : ثنا مسلم ، عن هشام بن أبي عبد الله ، عن قتادة ، عن الحسن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله . سمرة ،
قال : فكان هذا ناسخا لما رويناه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إجازة بيع الحيوان بالحيوان نسيئة ، فدخل في ذلك أيضا استقراض الحيوان . أبو جعفر
فقال أهل المقالة الأولى : هذا لا يلزمنا ، لأنا قد رأينا الحنطة لا يباع بعضها ببعض نسيئة ، وقرضها جائز .
فكذلك الحيوان لا يجوز بيع بعضه ببعض نسيئة ، وقرضه جائز .
فكان من حجتنا على أهل هذه المقالة في تثبيت المقالة الأولى أن نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة ، يحتمل أن يكون ذلك لعدم الوقوف منه على المثل .
ويحتمل أن يكون من قبل ما قال أهل المقالة الأولى في الحنطة في البيع والقرض .
فإن كان إنما نهى عن ذلك من طريق عدم وجود المثل ، ثبت ما ذهب إليه أهل المقالة الثانية ، وإن كان من قبل أنهما نوع واحد لا يجوز بيع بعضه ببعض نسيئة ، لم يكن في ذلك حجة لأهل المقالة الثانية على أهل المقالة الأولى .
فاعتبرنا ذلك فرأينا الأشياء المكيلات ، لا يجوز بيع بعضها ببعض نسيئة ولا بأس بقرضها .
ورأينا الموزونات حكمها في ذلك كحكم المكيلات سواء ، خلا الذهب والورق .
ورأينا ما كان من غير المكيلات والموزونات ، مثل الثياب ؛ وما أشبهها ، فلا بأس ببيع بعضها ببعض ، وإن كانت متفاضلة ، وبيع بعضها ببعض نسيئة ، فيه اختلاف بين الناس .
فمنهم من يقول : ما كان منها من نوع واحد ، فلا يصلح بيع بعضه ببعض نسيئة .
وما كان منها من نوعين مختلفين ؛ فلا بأس ببيع بعضه ببعض نسيئة .
وممن قال بهذا القول ، ، أبو حنيفة ، وأبو يوسف - رحمة الله عليهم أجمعين - . ومحمد
ومنهم من يقول : لا بأس ببيع بعضها ببعض ، يدا بيد ونسيئة ، وسواء عنده كانت من نوع واحد أو من نوعين .
[ ص: 62 ] فهذه أحكام الأشياء المكيلات والموزونات والمعدودات ، غير الحيوان ، على ما نشرنا .
فكان غير المكيل والموزون ، لا بأس ببيعه ، بما هو من خلاف نوعه ، نسيئة ، وإن كان المبيع والمبتاع به ثيابا كلها ، وكان الحيوان لا يجوز بيع بعضه ببعض نسيئة ، وإن اختلفت أجناسه ، لا يجوز بيع عبد ببعير ، ولا ببقرة ولا بشاة ، نسيئة .
ولو كان النهي من النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة ، إنما كان لاتفاق النوعين ، لجاز بيع العبد بالبقرة نسيئة ، لأنها من غير نوعه ، كما جاز بيع الثوب الكتان ، بالثوب القطن الموصوف ، نسيئة .
فلما بطل ذلك في نوعه ، وفي غير نوعه ، ثبت أن النهي في ذلك إنما كان لعدم وجود مثله ، ولأنه غير موقوف عليه .
وإذا كان إنما بطل بيع بعضه ببعض نسيئة ، لأنه غير موقوف عليه ، بطل قرضه أيضا لأنه غير موقوف عليه .
فهذا هو النظر في هذا الباب .
ومما يدل على ذلك أيضا ، ما قد أجمعوا عليه في استقراض الإماء ، أنه لا يجوز رهن حيوان .
فاستقراض سائر الحيوان في النظر أيضا ، كذلك .
فإن قال قائل : فإنا رأينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حكم في الجنين بغرة عبد ، أو أمة ، وحكم في الدية بمائة من الإبل ، وفي أروش الأعضاء بما قد حكم به ، مما قد جعله في الإبل ، وكان ذلك حيوانا كله يجب في الذمة ، فلم لا كان كل الحيوان أيضا كذلك ؟ .
قيل له : قد حكم النبي - صلى الله عليه وسلم - في الدية والجنين بما ذكرت من الحيوان ، ومنع من بيع الحيوان بالحيوان بعضه ببعض نسيئة ، على ما قد ذكرنا وشرحنا في هذا الباب .
فثبت النهي في وجوب الحيوان في الذمة بأموال ، وأبيح وجوب الحيوان في الذمة بغير أموال .
فهذان أصلان مختلفان نصححهما ، ونرد إليهما سائر الفروع .
فنجعل ما كان بدلا من مال ، حكمه حكم القرض الذي وصفنا ، وما كان بدلا من غير مال ، فحكمه حكم الديات .
والغرة التي ذكرنا من ذلك ، التزويج على أمة وسط ، أو على عبد وسط ، والخلع على أمة وسط ، أو على عبد وسط .
والدليل على صحة ما وصفنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد جعل في جنين الحرة غرة عبدا ، أو أمة .
وأجمع المسلمون أن ذلك لا يجب في جنين الأمة ، وأن الواجب فيه دراهم أو دنانير ، على ما اختلفوا .
فقال بعضهم : عشر قيمة الجنين ، إن كان أنثى ، ونصف عشر قيمته ، إن كان ذكرا .
[ ص: 63 ] وممن قال ذلك ، ، أبو حنيفة ، وأبو يوسف - رحمة الله عليهم أجمعين - . ومحمد
وقال آخرون : نصف عشر قيمة أم الجنين ، وأجمعوا في جنين البهائم أن فيه ما نقص أم الجنين .
وكانت الديات الواجبة من الإبل ، على ما أوجبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجب في أنفس الأحرار ، ولا يجب في أنفس العبيد .
فكان ما حكم فيه بالحيوان المجعول في الذمم ، هو ما ليس ببدل من مال ، ومنع من ذلك في الأبدال من الأموال .
فثبت بذلك أن القرض الذي هو بدل من مال ، لا يجب فيه حيوان في الذمم ، وهذا قول ، أبي حنيفة ، وأبي يوسف - رحمة الله عليهم أجمعين - وقد روي ذلك عن نفر من المتقدمين . ومحمد