6163 - حدثنا يونس ، قال : ثنا شعيب بن الليث ، عن أبيه ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة أنها قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرورا ، تبرق أسارير وجهه ، فقال : ألم تري أن مجززا نظر آنفا إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد ، فقال : إن بعض هذه الأقدام من بعض .
قال أبو جعفر : فاحتج قوم بهذا الحديث ، فزعموا أن فيه ما قدر لهم أن القافة يحكم بقولهم ، ويثبت به الأنساب .
قالوا : ولولا ذلك ، لأنكر النبي صلى الله عليه وسلم على مجزز ، ولقال له : وما يدريك ؟
فلما سكت ، ولم ينكر عليه ، دل أن ذلك القول ، مما يؤدي إلى حقيقة ، يجب بها الحكم .
وخالفهم في ذلك آخرون ؛ فقالوا : لا يجوز أن يحكم بقول القافة في نسب ، ولا غيره .
وكان من الحجة لهم على أهل المقالة الأولى أن سرور النبي صلى الله عليه وسلم بقول مجزز المدلجي الذي ذكروا في حديث [ ص: 161 ] عائشة ، ليس فيه دليل على ما توهموا من واجب الحكم بقول القافة ؛ لأن أسامة قد كان نسبه ثبت من زيد قبل ذلك .
ولم يحتج النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك إلى قول أحد ، ولولا ذلك لما كان دعي أسامة فيما تقدم إلى زيد .
إنما تعجب النبي صلى الله عليه وسلم من إصابة مجزز ، كما يتعجب من ظن الرجل الذي يصيب بظنه حقيقة الشيء الذي ظنه ، ولا يجب الحكم بذلك .
فترك رسول الله صلى الله عليه وسلم الإنكار عليه ، لأنه لم يتعاط بقوله ذلك إثبات ما لم يكن ثابتا فيما تقدم ، فهذا ما يحتمله هذا الحديث .
وقد روي في أمر القافة عن عائشة رضي الله عنها ، ما يدل على غير هذا .


