7048 - حدثنا قال : ثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا أبو الوليد ، عن شعبة يزيد بن حميد قال : سمعت شرحبيل ابن حسنة يحدث عن : عمرو بن العاص بالشام فقال عمرو : تفرقوا عنه فإنه رجز .
فبلغ ذلك شرحبيل بن حسنة فقال : قد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول : إنها رحمة ربكم ، ودعوة نبيكم ، وموت الصالحين قبلكم ، فاجتمعوا له ، ولا تفرقوا عليه " فقال رضي الله عنه : صدق عمرو إن الطاعون وقع .
قالوا : فقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الآثار أن لا يقدم على الطاعون ، وذلك للخوف منه .
قيل لهم : ما في هذا دليل على ما ذكرتم ، لأنه لو كان أمره بترك القدوم للخوف منه ، لكان يطلق لأهل [ ص: 307 ] الموضع الذي وقع فيه أيضا الخروج منه ، لأن الخوف عليهم منه ، كالخوف على غيرهم .
فلما منع أهل الموضع الذي وقع فيه الطاعون من الخروج منه ، ثبت أن المعنى الذي من أجله منعهم من القدوم ، غير المعنى الذي ذهبتم إليه .
فإن قال قائل : فما ذلك المعنى ؟ .
قيل له : هو عندنا - والله أعلم - على أن لا يقدم عليه رجل ، فيصيبه بتقدير الله عز وجل عليه أن يصيبه فيقول : لولا أني قدمت هذه الأرض ، ما أصابني هذا الوجع ، ولعله لو أقام في الموضع الذي خرج منه لأصابه ، فأمر أن لا يقدمها ، خوفا من هذا القول .
وكذلك أمر أن لا يخرج من الأرض التي نزل بها ، لئلا يسلم فيقول : لو أقمت في تلك الأرض لأصابني ما أصاب أهلها ، ولعله لو كان أقام بها ، ما أصاب به من ذلك شيء .
فأمر بترك القدوم على الطاعون ، للمعنى الذي وصفنا ، وبترك الخروج عنه ، للمعنى الذي ذكرنا .
وكذلك ما روينا عنه في أول هذا الباب ، من قوله : لا يورد ممرض على مصح فيصيب المصح ذلك المرض ، فيقول الذي أورده عليه : لو أني لم أورده عليه ، لم يصبه من هذا المرض شيء ، ولعله لو لم يورده أيضا لأصابه كما أصابه لما أورده .
فأمر بترك إيراده وهو صحيح ، على ما هو مريض ، لهذه العلة التي لا يؤمن على الناس وقوعها في قلوبهم وقولهم ، ما ذكرنا بألسنتهم .