7224 - حدثنا ، قال : ثنا ابن أبي داود ، قال : ثنا عبيد الله بن معاذ ، عن المعتمر بن سليمان ، عن أبيه أبي مجلز ، عن قال : أنس بن مالك ، دعا القوم ، فطعموا ، ثم جلسوا يتحدثون ، فأخذ كأنه يتهيأ للقيام ، فلم يقوموا . زينب بنت جحش
فلما رأى ذلك قام ، وقام من قام معه القوم ، وقعد الثلاثة .
ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم جاء ليدخل ، فإذا القوم جلوس ، ثم إنهم قاموا وانطلقوا .
فجئت فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قد انطلقوا ، فجاء فدخل ، وأنزلت آية الحجاب : يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن ، الآية لما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم .
قال : فكن أمهات المؤمنين قد خصصن بالحجاب ، ما لم يجعل فيه سائر الناس مثلهن . أبو جعفر
فإن قال قائل : فقد قال الله عز وجل : وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ، ثم قال : ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن ، فجعل ما ملكت أيمانهن كذي الرحم المحرم فيهن .
قيل له : ما جعلهن كذلك ، ولكنه ذكر جماعة مستثنين من قوله عز وجل : ولا يبدين زينتهن ، فذكر البعول ، وذكر الآباء ، ومن ذكر معهم مثل ما ذكره أو ما ملكت أيمانهن .
فلم يكن جمعه بينهم بدليل على استواء أحكامهم ؛ لأنا قد رأينا البعل قد يجوز له أن ينظر من امرأته إلى ما لا ينظر إليها أبوها منها .
ثم قال : أو ما ملكت أيمانهن فلا يكون ضمه أولئك مع ما قبلهم ، بدليل أن حكمهم مثل حكمهم .
ولكن الذي أبيح بهذه الآية للمملوكين من النظر إلى النساء ، إنما هو ما ظهر من الزينة ، وهو الوجه والكفان .
وفي إباحته ذلك للمملوكين ، وليسوا بذوي أرحام محرمة ، دليل أن الأحرار الذين ليسوا بذوي أرحام محرمة من النساء في ذلك كذلك .
وقد بين هذا المعنى ما في حديث عبد بن زمعة من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( احتجبي منه ) ، فأمرها بالحجاب منه وهو ابن وليدة أبيها ، وليس يخلو أن يكون أخاها ، أو ابن وليدة أبيها ، فيكون مملوكا لها ، ولسائر ورثة أبيها . لسودة
[ ص: 335 ] فعلمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحجبها منه ؛ لأنه أخوها ، ولكن لأنه غير أخيها ، وهو في تلك الحال مملوك ، فلم يحل له - برقه - النظر إليها .
فقد ضاد هذا الحديث ، حديث ، وخالفه ، وصارت الآية التي ذكرنا على قول هذا الذاهب إلى حديث أم سلمة أنها على سائر النساء دون أمهات المؤمنين ، وأن عبيد أمهات المؤمنين كانوا في حكم النظر إليهن في حكم القرباء منهن الذين لا رحم بينهم وبينهن ، لا في حكم ذوي الأرحام منهن المحرمة . سودة
وكل من كان بينه وبينهن محرمة فهو عندنا في حكم ذوي الأرحام المحرمة في منع ما وصفنا .
ثم رجعنا إلى النظر ؛ لنستخرج به من القولين قولا صحيحا .
فرأينا ذا الرحم لا بأس أن ينظر إلى المرأة التي هو لها محرم إلى وجهها ، وصدرها ، وشعرها ، وما دون ركبتها .
ورأينا القريب منها ينظر إلى وجهها وكفيها فقط .
ثم رأينا العبد حرام عليه - في قولهم جميعا - أن ينظر إلى صدر المرأة مكشوفا ، أو إلى ساقيها ، سواء كان رقه لها أو لغيرها .
فلما كان فيما ذكرنا ، كالأجنبي منها ، لا كذي رحمها المحرم عليها كان في النظر إلى شعرها أيضا كالأجنبي لا كذي رحمها المحرم عليها .
فهذا هو النظر في هذا الباب وهو قول ، أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، رحمهم الله تعالى . ومحمد
وقد وافقهم في ذلك من المتقدمين ، الحسن والشعبي .