989  - حدثنا  أبو بكرة  قال : ثنا  أبو داود  قال : ثنا  قيس   وشريك  ، أنهما سمعا  عثمان بن عبد الله بن موهب  قال : سئل  أبو هريرة  رضي الله عنه " ما التفريط في الصلاة ؟ قال : أن تؤخر حتى يجيء وقت الأخرى   . قالوا : وقد دل على ذلك أيضا ، ما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لما سئل عن مواقيت الصلاة ، فصلى العصر في اليوم الأول حين صار ظل كل شيء مثله ، ثم صلى الظهر في اليوم الثاني في ذلك الوقت بعينه ، فدل ذلك أنه وقت لهما جميعا . قيل لهم : ما في هذا حجة توجب ما ذكرتم ، لأن هذا قد يحتمل أن يكون أريد به أنه صلى الظهر في اليوم الثاني في قرب الوقت الذي صلى فيه العصر في اليوم الأول ، وقد ذكرنا ذلك والحجة فيه في باب مواقيت الصلاة . 
والدليل على ذلك قوله عليه السلام : " الوقت فيما بين هذين الوقتين " . 
فلو كان كما قال المخالف لنا لما كان بينهما وقت إذا كان ما قبلهما وما بعدهما وقتا كله ، ولم يكن ذلك دليلا على أن كل صلاة من تلك الصلوات منفردة بوقت غير وقت غيرها من سائر الصلوات . 
 [ ص: 166 ] وحجة أخرى أن  عبد الله بن عباس  وأبا هريرة  رضي الله عنهما قد رويا ذلك ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في مواقيت الصلاة ثم قالاهما في التفريط في الصلاة " أنه تركها حتى يدخل وقت التي بعدها " . 
فثبت بذلك أن وقت كل صلاة من الصلوات خلاف وقت الصلاة التي بعدها ، فهذا وجه هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار . وأما وجه ذلك من طريق النظر فإنا قد رأيناهم أجمعوا أن صلاة الصبح لا ينبغي أن تقدم على وقتها ولا تؤخر عنه ، فإن وقتها وقت لها خاصة دون غيرها من الصلاة . فالنظر على ذلك أن يكون كذلك سائر الصلوات ، كل واحدة منهن منفردة لوقتها دون غيرها فلا ينبغي أن تؤخر عن وقتها ولا تقدم قبله . فإن اعتل معتل بالصلاة بعرفة وبجمع . 
قيل له : قد رأيناهم أجمعوا أن الإمام بعرفة  لو صلى الظهر في وقتها في سائر الأيام ، وصلى العصر في وقتها في سائر الأيام ، وفعل مثل ذلك في المغرب والعشاء بمزدلفة  ، فصلى كل واحدة منهما في وقتها ، كما صلى في سائر الأيام كان مسيئا . ولو فعل ذلك وهو مقيم أو فعله وهو مسافر في غير عرفة  ، وجمع  ، لم يكن مسيئا . 
فثبت بذلك أن عرفة  وجمعا  ، مخصوصتان بهذا الحكم ، وأن حكم ما سواهما في ذلك بخلاف حكمهما . فثبت بما ذكرنا أن ما روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجمع بين الصلاتين أنه تأخير الأولى وتعجيل الآخرة . وكذلك كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعده يجمعون بينهما . 
				
						
						
