باب قلت ما جاء في الخلاف في التفليس : هل خالفك أحد في التفليس ؟ فقال نعم خالفنا بعض الناس في التفليس [ ص: 218 ] فزعم أن لأبي عبد الله فهي مال من مال المشتري يكون البائع فيها وغيره من غرمائه سواء فقلت الرجل إذا باع السلعة من الرجل بنقد أو إلى أجل ، وقبضها المشتري ثم أفلس والسلعة قائمة بعينها وما احتج به ؟ فقال قال لي قائل منهم : أرأيت إذا باع الرجل أمة ودفعها إلى المشتري أما ملكها المشتري ملكا صحيحا يحل له وطؤها ؟ لأبي عبد الله بلى قال أفرأيت لو وطئها فولدت له أو باعها أو أعتقها أو تصدق بها ثم أفلس أترد من هذا شيئا وتجعلها رقيقا ؟ قلت لا فقال ; لأنه ملكها ملكا صحيحا . قلت
نعم قال فكيف تنقض الملك الصحيح ؟ قلت نقضته بما لا ينبغي لي ، ولا لك ، ولا لمسلم علمه إلا أن ينقضه له . قال : وما هو ؟ فقلت : سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : أفرأيت إن لم أثبت لك الخبر ؟ قلت إذا تصير إلى موضع الجهل أو المعاندة قال إنما رواه قلت وحده أبو هريرة ما نعرف فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم رواية إلا عن فقلت وحده ، وإن في ذلك لكفاية تثبت بمثلها السنة قال أفتوجدنا أن الناس يثبتون أبي هريرة رواية لم يروها غيره أو لغيره ؟ لأبي هريرة نعم قال وأين هي ؟ قلت قال قلت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أبو هريرة } ؟ فأخذنا نحن وأنت به ، ولم يروه أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم تثبت روايته غيره قال أجل . ولكن الناس أجمعوا عليها لا تنكح المرأة على عمتها ، ولا على خالتها فذلك أوجب للحجة عليك أن يجتمع الناس على حديث فقلت وحده ، ولا يذهبون فيه إلى توهينه بأن الله - عز وجل - يقول { أبي هريرة حرمت عليكم أمهاتكم } الآية .
وقال { وأحل لكم ما وراء ذلكم } ، له وروى وقلت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { أبو هريرة } فأخذنا بحديثه كله وأخذت بجملته إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا الكلب ينجس الماء القليل إذا ولغ فيه ، ولم توهنه بأن فقلت روى { أبا قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الهرة أنها لا تنجس الماء } ونحن وأنت نقول لا تؤكل الهرة فتجعل الكلب قياسا عليها فلا تنجس الماء بولوغ الكلب ، ولم يروه إلا فقال قبلنا هذا ; لأن الناس قبلوه أبو هريرة فإذا قبلوه في موضع ومواضع وجب عليك وعليهم قبول خبره في موضع غيره ، وإلا فأنت تحكم فتقبل ما شئت وترد ما شئت . فقال : قد عرفنا أن قلت روى أشياء لم يروها غيره مما ذكرت وحديث المصراة وحديث الأجير وغيره أفتعلم غيره انفرد برواية ؟ أبا هريرة نعم قلت روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { أبو سعيد الخدري } فصرنا نحن وأنت وأكثر المفتين إليه وتركت قول صاحبك ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة الصدقة في كل قليل وكثير أنبتته الأرض ، وقد يجدان تأويلا من قول الله عز وجل { وإبراهيم النخعي وآتوا حقه يوم حصاده } ولم يذكر قليلا ، ولا كثيرا ومن قول النبي صلى الله عليه وسلم { } قال أجل . فيما سقي بالسماء العشر وفيما سقي بالدالية نصف العشر
قلنا وحديث { أبي ثعلبة الخشني } لا يروى عن غيره علمته إلا من وجه عن أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع . أبي هريرة
وليس بالمشهور المعروف الرجال فقبلناه نحن وأنت وخالفنا المكيون واحتجوا بقول الله - عز وجل - { قل لا أجد فيما أوحي إلى محرما على طاعم يطعمه } الآية ، وقوله { وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه } وبقول عائشة وابن عباس فزعمنا أن الرواية الواحدة تثبت بها الحجة ، ولا حجة في تأويل ، ولا حديث عن غير النبي صلى الله عليه وسلم مع حديث النبي صلى الله عليه وسلم . قال : أما ما وصفت فكما وصفت . وعبيد بن عمير : فإذا جاء مثل هذا فلم لم تجعله حجة ؟ قال ما كانت حجتنا في أن لا نقول قولكم في التفليس إلا هذا قلنا ، ولا حجة لك فيه ; لأني قد وجدتك تقول وغيرك وتأخذ بمثله فيه قال آخر إنا قد روينا عن قلت رضي الله عنه شبيها بقولنا قلنا وهذا مما لا حجة فيه عندنا وعندك ; لأن مذهبنا معا إذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء أن لا حجة في أحد معه . قال : فإنا [ ص: 219 ] قلنا لم نعلم علي بن أبي طالب أبا بكر ، ولا ، ولا عمر عثمان رضي الله عنهم قضوا بما رويتم في التفليس قلنا ، ولا رويتم أنهم ، ولا واحد منهم قال { } { ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة } ، ولا تحريم كل ذي ناب من السباع . قال فاكتفينا بالخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا . ، ولا تنكح المرأة على عمتها ولا خالتها
قلنا ففيه الكفاية المغنية عما سواها وما سواها تبع لها لا يصنع معها شيئا إن وافقها تبعها ، وكانت به الحاجة إليها ، وإن خالفها ترك وأخذت السنة قال وهكذا نقول . قلنا : نعم في الجملة ، ولا تفي بذلك في التفريع قال فإني لم أنفرد بما عبت علي قد شركني فيه غير واحد من أهل ناحيتك وغيرهم فأخذوا بأحاديث وردوا أخرى . : فإن كنت حمدتهم على هذا فأشركهم فيه . قال : إذا يلزمني أن أكون بالخيار في العلم . قلت : فقل ما شئت فإنك ذممت ذلك ممن فعله فانتقل عن مثل ما ذممت ، ولا تجعل المذموم حجة . قلت
قال : فإني أسألك عن شيء . : فسل قال كيف نقضت الملك الصحيح ؟ قلت أوترى للمسألة موضعا فيما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال لا ، ولكني أحب أن تعلمني هل تجد مثل هذا غير هذا ؟ . قلت : نعم أرأيت دارا بعتها لك فيها شفعة أليس المشتري مالكا يجوز بيعه وهبته وصداقه وصدقته فيما ابتاع ، ويجوز له هدمه وبناؤه ؟ قال : نعم . قلت : فإذا جاء الذي له الشفعة أخذ ذلك ممن هو في يديه ؟ قال نعم قلت أفتراك نقضت الملك الصحيح ؟ قال نعم ، ولكني نقضته بالسنة قلت أرأيت الرجل يصدق المرأة الأمة فيدفعها إليها والغنم فتلد الأمة والغنم أليس إن مات الرجل أو المرأة قبل أن يدخل عليها كان ما أصدقها لها قبل موت واحد منهما يكون لها عتق الأمة وبيعها وبيع الماشية وهي صحيحة الملك في ذلك كله ؟ . قال : بلى وقلت : أفرأيت إن طلقها قبل تفوت في الجارية ، ولا الغنم شيئا وهو في يديها بحاله ؟ . قال : ينتقض الملك ويصير له نصف الجارية والغنم إن لم يكن أولاد أو نصف قيمتها إن كان لها أولاد ; لأنهم حدثوا في ملكها قلنا فكيف نقضت الملك الصحيح ؟ قال بالكتاب قلنا فما نراك عبت في مال المفلس شيئا إلا دخل عليك في الشفعة والصداق مثله أو أكثر . قال : حجتي فيه كتاب أو سنة قلنا : وكذلك حجتنا في مال المفلس سنة فكيف خالفتها ؟ . قلت قلت : فإنا نوافقك في مال المفلس إذا كان حيا ونخالفك فيه إذا مات وحجتنا فيه حديث للشافعي ابن شهاب الذي قد سمعت .
( قال ) : قد كان فيما قرأنا على الشافعي أن مالك ابن شهاب أخبره عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { } فقال لي فلم لم تأخذ بهذا ؟ أيما رجل باع متاعا فأفلس الذي ابتاعه ولم يقبض البائع من ثمنه شيئا فوجده بعينه فهو أحق به فإن مات المشتري فصاحب السلعة أسوة الغرماء : لأنه مرسل ومن خالفنا ممن حكيت قوله ، وإن كان ذلك ليس عندي له به عذر يخالفه ; لأنه رد الحديث ، وقال فيه قولا واحدا وأنتم أثبتم الحديث فلما صرتم إلى تفريعه فارقتموه في بعض ووافقتموه في بعض . فقال : فلم لم تأخذ بحديث قلت ابن شهاب ؟ . : الذي أخذت به أولى بي من قبل أن ما أخذت به موصول يجمع فيه النبي صلى الله عليه وسلم بين الموت والإفلاس وحديث فقلت ابن شهاب منقطع لو لم يخالفه غيره لم يكن مما يثبته أهل الحديث فلو لم يكن في تركه حجة إلا هذا انبغى لمن عرف الحديث تركه من الوجهين مع أن أبا بكر بن عبد الرحمن يروي عن حديثا ليس فيه ما روى أبي هريرة ابن شهاب عنه مرسلا إن كان روى كله فلا أدري عمن رواه ، ولعله روى أول الحديث ، وقال برأيه آخره .
( قال ) وموجود في حديث الشافعي أبي بكر عن { أبي هريرة } فهو أحق به أشبه أن يكون ما زاد على هذا قولا من عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه انتهى بالقول أبي بكر لا رواية ، وإن كان موجودا في سنة النبي صلى الله عليه وسلم أن الرجل يبيع السلعة من الرجل فيكون مالكا للمبيع يجوز له فيها ما يجوز لذي المال في المال من وطء أمة وبيعها وعتقها ، وإن لم يدفع [ ص: 220 ] ثمنها فإذا أفلس والسلعة بعينها في يدي المشتري كان للبائع التسليط على نقض عقدة البيع . كما يكون للمستشفع أخذ الشفعة ، وقد كان الشراء صحيحا فكان المشتري لما فيه الشفعة لو مات كان للمستشفع أخذ الشفعة من ورثته كما له أخذها من يديه فكيف لم يكن هذا في الذي يجد عين ماله عند معدم ، وإن مات كما كان لبائعه ذلك في حياة مالكه ، وكما قلنا في الشفعة ، وكيف يكون الورثة يملكون عن الميت منع السلعة ، وإنما عنه ورثوها ، ولم يكن للميت منعها من أن ينقض بائعها البيع إذا لم يعط ثمنها كاملا فلا يكون للورثة في حال ما ورثوا عن الميت إلا ما كان للميت أو أقل منه ، وقد جعلتم للورثة أكثر مما للمورث الذي عنه ملكوها ، ولو جاز أن يفرق بين الموت والحياة كان الميت أولى أن يأخذ الرجل عين ماله منه ; لأنه ميت لا يفيد شيئا أبدا والحي يفلس فترجى إفادته وأن يقضي دينه فضعفتم الأقوى ، وقويتم الأضعف وتركتم بعض حديث وأخذتم ببعضه . قال : فليس هذا مما روينا . قلنا : وإن لم ترووه فقد رواه ثقة عن ثقة فلا يوهنه أن لا ترووه ، وكثير من الأحاديث لم ترووه فلم يوهنه ذلك . أبي هريرة