المساقاة
( أخبرنا الربيع بن سليمان ) قال أخبرنا رحمه الله تعالى قال معنى قوله { الشافعي } أن يخرص النخل كأنه خرصها مائة وسق وعشرة أوسق وقال إذا صارت تمرا نقصت عشرة أوسق فصحت منها مائة وسق تمرا فيقول إن شئتم دفعت إليكم النصف الذي ليس لكم الذي أنا قيم بحق أهله على أن تضمنوا لي خمسين وسقا تمرا من تمر يسميه بعينه ولكم أن تأكلوها وتبيعوها رطبا كيف شئتم ، وإن شئتم فلي أكون هكذا في نصيبكم فأسلم وتسلمون إلي [ ص: 11 ] أنصباءكم وأضمن لكم هذه المكيلة ( قال إن شئتم فلكم ، وإن شئتم فلي ) : وإذا كان البياض بين أضعاف النخل جاز فيه المساقاة كما يجوز في الأصل ، وإن كان منفردا عن النخل له طريق غيره لم تجز فيه المساقاة ، ولم تصح إلا أن يكتري كراء ، وسواء قليل ذلك وكثيره ، ولا حد فيه إلا ما وصفت الشافعي ، وإن زرعها فهو متعد ، وهو كمن زرع أرض غيره . قال : وإن كان وليس للمساقي في النخل أن يزرع البياض إلا بإذن مالك النخل فالإجارة فاسدة وله أجر مثله فيما عمل ، وكذلك إن كان دخل على أن يتكلف من المؤنة شيئا غير عمل يديه وتكون أجرته شيئا من الثمار كانت الإجارة فاسدة فإن كان دخل في المساقاة في الحالين معا ورضي رب الحائط أن يرفع عنه من المؤنة شيئا فلا بأس بالمساقاة على هذا قال وكل ما كان مستزادا في الثمرة من إصلاح للمار وطريق الماء وتصريف الجريد وإبار النخل وقطع الحشيش الذي يضر بالنخل أو ينشف عنه الماء حتى يضر بثمرتها شرطه على المساقاة . دخل على الإجارة بأن له أن يعمل ويحفظ بأن له شيئا من الثمار قبل أن يبدو صلاح التمر
وأما سد الحظار فليس فيه مستزاد لإصلاح في الثمرة ، ولا يصلح شرطه على المساقي فإن قال : فإن أصلح للنخل أن يسد الحظار فكذلك أصلح لها أن يبنى عليها حظار لم يكن ، وهو لا يجيزه في المساقاة وليس هذا الإصلاح من الاستزادة في شيء من النخل إنما هو دفع الداخل .
( قال ) الشافعي ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ فيهما بالخرص وساقى على النخل وثمرها مجتمع لا حائل دونه وليس هكذا شيء من الثمر كله دونه حائل ، وهو متفرق غير مجتمع ، ولا تجوز والمساقاة جائزة في النخل والكرم وهي في الزرع أبعد من أن تجوز ، ولو جازت إذا عجز عنه صاحبه جازت إذا عجز صاحب الأرض عن زرعها أن يزارع فيها على الثلث والربع ، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها . وقال : إذا أجزنا المساقاة قبل أن تكون ثمرا بتراضي رب المال والمساقي في أثناء السنة ، وقد تخطئ الثمرة فيبطل عمل العامل وتكثر فيأخذ أكثر من عمله أضعافا كانت المساقاة إذا بدا صلاح الثمر وحل بيعه وظهر أجوز . المساقاة في شيء غير النخل والكرم
قال : وأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم المساقاة فأجزناها بإجازته وحرم فحرمناها بتحريمه ، وإن كانا قد يجتمعان في أنه إنما للعامل في كل بعض ما يخرج النخل ، أو الأرض ، ولكن ليس في سنته إلا اتباعها ، وقد يفترقان في أن النخل شيء قائم معروف أن الأغلب منه أنه يثمر وملك النخل لصاحبه والأرض البيضاء لا شيء فيها قائما إنما يحدث فيها شيء بعد لم يكن ، وقد أجاز المسلمون المضاربة في المال يدفعه ربه فيكون للمضارب بعض الفضل ، والنخل أبين وأقرب من الأمان من أن يخطئ من المضاربة وكل قد يخطئ ويقل ويكثر ، ولم يجز المسلمون أن تكون الإجارة إلا بشيء معلوم ، ودلت السنة والإجماع أن الإجارات إنما هي شيء لم يعلم إنما هو عمل يحدث لم يكن حين استأجره . كراء الأرض البيضاء ببعض ما يخرج منها
قال : يدخل فيسقي ويدخل على النخل جاز أن يساقي عليه مع النخل لا منفردا وحده ، ولولا الخبر فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دفع إلى أهل ، وإذا ساقى الرجل الرجل النخل فكان فيه بياض لا يوصل إلى عمله إلا بالدخول على النخل فكان لا يوصل إلى سقيه إلا بشرب النخل الماء وكان غير متميز خيبر على أن لهم النصف من النخل والزرع وله النصف فكان الزرع كما وصفت بين ظهراني النخل لم يجز فأما إذا [ ص: 12 ] انفرد فكان بياضا يدخل عليه من غير أن يدخل على النخل فلا تجوز المساقاة فيه قليلا كان ، أو كثيرا ، ولا يحل فيه إلا الإجارة .