ما يكون إحياء
( قال ) رحمه الله تعالى : وإنما الشافعي إن كان مسكنا فأن يبنى بمثل ما يبنى به مثله من بنيان حجر ، أو لبن ، أو مدر يكون مثله بناء وهكذا ما أحيا الآدمي من منزل له أو لدواب من حظار ، أو غيره فأحياه ببناء حجر ، أو مدر ، أو بماء ; لأن هذه العمارة بمثل هذا ، ولو جمع ترابا لحظار أو خندق لم يكن هذا إحياء ، وكذلك لو بنى خياما من شعر ، أو جريد أو خشب لم يكن هذا إحياء تملك له الأرض بالإحياء ، وما كان هذا قائما لم يكن لأحد أن يزيله ، فإذا أزاله صاحبه لم يملكه وكان لغيره أن ينزله ويعمره ، وهذا كالفسطاط يضربه المسافر ، أو المنتجع لغيث وكالخباء وكالمناخ وغيره ويكون الرجل أحق به حتى يفارقه ، فإذا فارقه لم يكن فيه حق وهكذا الحظار بالشوك والخصاف وغيره ، وعمارة الغراس والزرع أن يغرس الرجل الأرض فالغراس كالبناء إذا أثبته في الأرض كان كالبناء يبنيه انقطع الغراس كان كانهدام البناء وكان مالكا للأرض ملكا لا يحول عنه إلا منه وبسببه ، وأقل يكون الإحياء ما عرفه الناس إحياء لمثل المحيا التي تملك بها الأرض كما يملك ما ينبت من الغراس أن يحظر على الأرض بما يحظر بمثله من حجر ، أو مدر ، أو سعف ، أو تراب مجموع ويحرثها ويزرعها ، فإذا اجتمع هذا ، فقد أحياها إحياء تكون به له وأقل ما يكفيه من هذا أن يجمع ترابا يحيط بها ، وإن لم يكن مرتفعا أكثر من أن تبين به الأرض مما حولها ويجمع مع هذا حرثها وزرعها وهكذا [ ص: 43 ] إن ظهر عليه ماء سيل ، أو غيل مشترك أو ماء مطر ; لأن الماء مشترك فإن كان له ماء خاص وذلك ماء عين ، أو نهر يحفرها يسقي بها أرضا فهذا إحياء لها وهكذا إن ساق إليها من نهر ، أو واد ، أو غيل مشترك في ماء عين له ، أو خليج خاصة فسقاها به ، فقد أحياها الإحياء الذي يملكها به عمارة الزرع الذي لا يظهر ماء لرجل عليه