عمارة ما ليس معمورا من الأرض التي لا مالك لها
( قال ) كان يقال الشافعي الحرم دار قريش ويثرب دار الأوس والخزرج وأرض كذا دار بني فلان على معنى أنهم ألزم الناس لها وأن من نزلها غيرهم إنما ينزلها شبيها بالمجتاز وعلى معنى أن لهم مياهها التي لا تصلح مساكنها إلا بها ، وليس ما سمته العرب من هذا دارا لبني فلان بالموجب لهم أن يكون ملكا مثل ما بنوه ، أو زرعوه أو اختبروه ; لأنه موات أحيي كماء نزلوه مجتازين وفارقوه وكما يحيا ما قارب ما عمروا ، وإنما يملكون بما أحيوا ما أحيوا ، ولا يملكون ما لم يحيوا .
( قال ) وبيان ما وصفت في السنة ثم الأثر منه ما وصفت قبل هذا الباب من قول النبي صلى الله عليه وسلم { الشافعي } ثم قول لا حمى إلا لله ورسوله رضي الله عنه إنها لبلادهم ، ولولا المال الذي أحمل عليه في سبيل الله تعالى ما حميت عليهم من بلادهم شبرا أي أنها تنسب إليهم إذا كانوا ألزم الناس لها وأمنعه . عمر
( أخبرنا ) عن مالك عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { هشام بن عروة } . من أحيا مواتا فهو له وليس لعرق ظالم فيه حق
( قال ) وجماع العرق الظالم كل ما حفر أو غرس أو بني ظلما في حق امرئ بغير خروجه منه ( أخبرنا ) الشافعي سفيان عن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { طاوس } . من أحيا مواتا من الأرض فهو له وعادي الأرض لله ولرسوله ثم هي لكم مني
( قال ) ففي هذين الحديثين وغيرهما الدلالة على أن الشافعي وأن الموات ليس ملكا لأحد بعينه وأن الإحياء ليس هو بالنزول فيه وما أشبهه وأن الإحياء الذي يعرفه الناس هو العمارة بالحجر والمدر والحفر لما بني دون اضطراب الأبنية وما أشبه ذلك ومن الدليل على ما وصفت أيضا أن من أحيا مواتا من المسلمين فهو له أخبرنا عن ابن عيينة عمرو بن دينار عن يحيى بن جعدة { المدينة أقطع الناس الدور فقال حي من بني زهرة يقال لهم بنو عبد بن زهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم نكب عنا فقال [ ص: 47 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ابتعثني الله إذا ؟ إن الله لا يقدس أمة لا يؤخذ للضعيف فيهم حقه ابن أم عبد } . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم
( قال ) الشافعي والمدينة بين لابتين تنسب إلى أهلها من الأوس والخزرج ومن فيه من العرب والعجم لما كانت المدينة صنفين : أحدهما ، معمور ببناء وحفر وغراس وزرع ، والآخر خارج من ذلك فأقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخارج من ذلك من الصحراء استدللنا على أن الصحراء ، وإن كانت منسوبة إلى حي بأعيانهم ليست ملكا لهم كملك ما أحيوا ومما يبين ذلك أن أخبرنا عن مالكا ابن هشام عن عن أبيه قال : كان الناس يحتجرون على عهد سالم بن عبد الله فقال عمر بن الخطاب من أحيا أرضا مواتا فهي له . عمر
( أخبرنا ) عبد الرحمن بن الحسن بن القاسم الأزرقي عن أبيه عن علقمة بن نضلة أن أبا سفيان بن حرب قام بفناء داره فضرب برجله وقال : سنام الأرض أن لها أسناما زعم ابن فرقد الأسلمي أني لا أعرف حقي من حقه ، لي بياض المروة له سوادها ولي ما بين كذا إلى كذا فبلغ ذلك فقال : ليس لأحد إلا أحاطت عليه جدرانه إن إحياء الموات ما يكون زرعا أو حفرا ، أو يحاط بالجدران ، وهو مثل إبطاله التحجير بغير ما يعمر به مثل ما يحجر . عمر بن الخطاب
( قال ) وإذا أبان رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من أحيا أرضا مواتا فهي له والموات ما لا ملك فيه لأحد خالصا دون الناس فللسلطان أن يقطع من طلب مواتا ، فإذا أقطع كتب في كتابه ، ولم أقطعه حق مسلم ، ولا ضررا عليه . الشافعي
( قال ) وخالفنا في هذا بعض الناس فقال : الشافعي ورجع صاحبه إلى قولنا فقال : وعطية رسول الله صلى الله عليه وسلم أثبت العطايا فمن أحيا مواتا فهو له بعطية رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس للسلطان أن يعطي إنسانا ما لا يحل للإنسان أن يأخذه من موات لا مالك له ، أو حق لغيره يعرفه له والسلطان لا يحل له شيئا ، ولا يحرمه ، ولو ليس لأحد أن يحمي مواتا إلا بإذن سلطان لم يكن له أخذه أعطى السلطان أحدا شيئا لا يحل له
( أخبرنا ) عن ابن عيينة هشام عن أبيه { أرضا الزبير } وأن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع رضي الله عنه أقطع عمر العقيق وقال : أين المستقطعون منذ اليوم أخبرناه عن مالك ربيعة .
( قال ) ومن أقطعه السلطان اليوم قطيعا ، أو تحجر أرضا فمنعها من أحد يعمرها ، ولم يعمرها رأيت للسلطان والله أعلم أن يقول له هذه أرض كان المسلمون فيها سواء لا يمنعها منهم أحد ، وإنما أعطيناكها ، أو تركناك وجوزها ; لأنا رأينا العمارة لها غير ضرر بين على جماعة المسلمين منفعة لك وللمسلمين فيها ينالون من رفقها فإن أحييتها وإلا خلينا من أراد إحياءها من المسلمين فأحياها فإن أراد أجلا رأيت أن يؤجل . الشافعي
( قال ) : وإذا كان هذا هكذا كان للسلطان أن لا يعطيه ، ولا يدعه يتحجر على المسلمين شيئا لا يعمره ، ولم يدعه أن يتحجر كثيرا يعلمه لا يقوى عليه وتركه وعمارة ما يقوى عليه . الشافعي
( قال ) وإن الشافعي ، فإن كانت تنسب إلى قوم فطلبها بعضهم وغيرهم كان أحب إلي أن يعطيها من تنسب إليهم دون غيرهم ، ولو أعطاها الإمام غيرهم لم أر بذلك بأسا إن كانت غير مملوكة لأحد ، ولو تشاحوا فيها فضاقت عن أن تسعهم رأيت أن يقرع بينهم فأيهم خرج سهمه أعطاه إياها ، ولو أعطاهم بغير قرعة لم أر عليه بأسا إن شاء الله ، وإن اتسع الموضع أقطع من طلب منه فإن بدأ بأحد فأقطعه ترك له حريما للطريق ومسيلا للماء ومغيضة وكل ما لا صلاح لما أقطعه إلا به . كانت أرضا يطلب غير واحد عمارتها