الفرق بين نكاح من تؤخذ منه الجزية وتؤكل ذبائحهم .
( قال ) رحمه الله تعالى حكم الله عز وجل في المشركين حكمان : فحكم أن يقاتل أهل الأوثان حتى يسلموا الشافعي وأهل الكتاب حتى يعطوا الجزية ، أو يسلموا قال : وأحل الله عز وجل أهل الكتاب وطعامهم فقيل طعامهم ذبائحهم فاحتمل إحلال الله نكاح نساء نساء أهل الكتاب وطعامهم كل أهل الكتاب وكل من دان دينهم واحتمل أن يكون أراد بذلك بعض أهل الكتاب دون بعض فكانت دلالة ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم ما لا أعلم فيه مخالفا أنه أراد أهل التوراة والإنجيل من بني إسرائيل دون المجوس فكان في ذلك دلالة على أن بني إسرائيل المرادون بإحلال النساء والذبائح [ ص: 193 ] والله تعالى أعلم .
( قال ) رحمه الله تعالى ولم أعلم مخالفا في أن الشافعي المجوس ، ولا تؤكل ذبائحهم فلما دل الإجماع على أن حكم لا تنكح نساء أهل الكتاب حكمان وأن منهم من تنكح نساؤه وتؤكل ذبيحته ومنهم من لا تنكح نساؤه ، ولا تؤكل ذبيحته وذكر الله عز وجل نعمته على بني إسرائيل في غير موضع من كتابه وما آتاهم دون غيرهم من أهل دهرهم كان من بني إسرائيل قبل الإسلام من غير بني إسرائيل في غير معنى من بني إسرائيل أن ينكح ; لأنه لا يقع عليهم دان دين أهل الكتاب بأن آباءهم كانوا غير أهل الكتاب ومن غير نسب بني إسرائيل فلم يكونوا أهل كتاب إلا بمعنى لا أهل كتاب مطلق فلم يجز والله تعالى أعلم أن ينكح نساء أحد من العرب والعجم غير بني إسرائيل دان دين اليهود والنصارى بحال أخبرنا عن إبراهيم بن محمد عن عبد الله بن دينار سعد الجاري ، أو عبد الله بن سعيد مولى أن عمر بن الخطاب قال : ما نصارى عمر بن الخطاب العرب بأهل كتاب وما تحل لنا ذبائحهم وما أنا بتاركهم حتى يسلموا ، أو أضرب أعناقهم .
( قال ) رحمه الله تعالى فمن كان الشافعي بني إسرائيل يدين دين اليهود والنصارى نكح نساؤه وأكلت ذبيحته ومن نكح نساؤه فسبي منهم أحد وطئ بالملك ومن دان دين من بني إسرائيل من غيرهم لم تنكح نساؤه ، ولم تؤكل ذبيحته ، ولم توطأ أمته ، وإذا لم تنكح نساؤهم ، ولم توطأ منهم أمة بملك اليمين لم تنكح منهم امرأة .
( قال ) رحمه الله تعالى فإن كان الشافعي الصابئون والسامرة من بني إسرائيل ودانوا دين اليهود والنصارى فلأصل التوراة ولأصل الإنجيل نكحت نساؤهم وأحلت ذبائحهم ، وإن خالفوهم في فرع من دينهم ; لأنهم فروع قد يختلفون بينهم ، وإن خالفوهم في أصل التوراة لم تؤكل ذبائحهم ولم تنكح نساؤهم .
( قال ) وكل من كان من الشافعي بني إسرائيل تؤكل ذبائحهم وتنكح نساؤهم بدينه اليهودية والنصرانية حل ذلك منه حيثما كان محاربا ، أو مهادنا ، أو معطيا للجزية لا فرق بين ذلك غير أني أكره للرجل خوف الفتنة والسباء عليه وعلى ولده من غير أن يكون محرما والله تعالى أعلم . النكاح ببلاد الحرب