ما جاء في عفو المهر
( قال ) رحمه الله تعالى : قال الله تبارك وتعالى { الشافعي وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة } الآية ( قال ) فجعل الله تعالى للمرأة فيما أوجب لها من نصف المهر أن تعفو وجعل للذي يلي عقدة النكاح أن يعفو وذلك أن يتم لها الصداق فيدفعه إن لم يكن دفعه كاملا ولا يرجع بنصفه إن كان دفعه وبين عندي في الآية أن الشافعي الزوج وذلك إنه إنما يعفوه من له ما يعفوه فلما ذكر الله جل وعز عفوها مما ملكت من نصف المهر أشبه أن يكون ذكر عفوه لما له من جنس نصف المهر والله تعالى أعلم وحض الله تعالى على العفو والفضل فقال عز وجل { الذي بيده عقدة النكاح وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم } وبلغنا عن رضي الله تعالى عنه أنه قال " الذي بيده عقدة النكاح الزوج " . علي بن أبي طالب
( قال ) وأخبرنا الشافعي أخبرنا ابن أبي فديك سعيد بن سالم عن عبد الله بن جعفر بن المسور عن واصل بن أبي سعيد عن عن أبيه أنه تزوج امرأة ولم يدخل بها حتى طلقها فأرسل إليها بالصداق تاما فقيل له في ذلك فقال أنا أولى بالعفو أخبرنا محمد بن جبير بن مطعم عبد الوهاب عن أيوب عن قال الذي بيده عقدة النكاح الزوج أخبرنا ابن سيرين سعيد بن سالم عن عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة أنه قال الذي بيده عقدة النكاح الزوج أخبرنا سعيد بن جبير سعيد عن أنه بلغه عن ابن جريج أنه قال " هو الزوج " ( قال ابن المسيب ) والمخاطبون بأن يعفوا ، فيجوز عفوهم والله تعالى أعلم الأحرار وذلك أن العبيد لا يملكون شيئا فلو الشافعي لم يجز عفوها وذلك أنها لا تملك شيئا إنما يملك مولاها ما ملك بسببها ولو عفاه المولى جاز وكذلك العبد إن عفا المهر كله وله أن يرجع بنصفه لم يجز عفوه . كانت أمة عند حر فعفت له عن بعض المهر أو المهر
وإذا عفاه مولاه جاز عفوه لأن مولاه المالك للمال ( قال ) فأما الشافعي فلا يجوز ذلك له من قبل أنه عفا عما لا يملك وما يملكه تملكه ابنته ألا ترى أنه لو وهب مالا لبنته غير الصداق لم تجز هبته فكذلك إذا وهب الصداق لم تجز هبته لأنه مال من مالها وكذلك أبو البكر يعفو عن نصف المهر الذي له أن يرجع به لم يجز عفو أبيه لأنه مال من ماله يهبه وليس له هبة ماله قال ولا يجوز العفو إلا لبالغ حر رشيد يلي مال نفسه فإن أبو الزوج لو كان الزوج محجورا عليه فعفا عن نصف المهر الذي له أن يرجع كان عفوه باطلا كما تكون هبة ماله سوى الصداق . كان الزوج بالغا حرا محجورا عليه فدفع الصداق ثم طلقها قبل المسيس فعفا نصف المهر
وكذلك لو كانت المرأة بكرا لا يجوز لها هبة مالها ولا لأوليائها هبة أموالها ولو جاز عفوها إنما ينظر في هذا إلى من يجوز أمره في ماله وأجيز عفوه وأرد عفو من لا يجوز أمره في ماله والعفو هبة كما وصفت وهو إبراء فإذا لم تقبض المرأة شيئا من صداقها فعفته جاز [ ص: 81 ] عفوها لأنه قابض لما عليه فيبرأ منه ولو كانت بكرا بالغة رشيدة غير محجور عليها فعفت فإن ردته إليه جاز العفو وإن لم ترده حتى ترجع فيه كان لها الرجوع لأنه غير قابض ما وهبته له ولا معنى لبراءتها إياه من شيء ليس لها عليه ولو كانت على التمام على عفوه فهلك في يدها لم يكن عليها غرمه إلا أن تشاء ولو ماتت قبل أن تدفعه إليه لم يكن على ورثتها أن يعطوه إياه وكان مالا من مالها يرثونه قال وما كان في يد كل واحد منهما فعفا الذي هو له كان عفوه جائزا وما لم يكن له في يده فعفا له الذي هو له فهو بالخيار في إتمامه والرجعة فيه وحبسه وإتمامه ودفعه أحب إلي من حبسه وكل عطية لا تجب على أحد فهي بفضل وكلها محمود مرغوب فيه قبضت الصداق أو نصفه فقالت قد عفوت لك عما أصدقتني لأنه منصوص حض الله تعالى عليه قال وإذا والفضل في المهر فذلك كله سواء والهبة جائزة . نكح الرجل المرأة بصداق فوهبته له قبل القبض أو بعده أو قبل الطلاق أو بعده
وإن كانت ثم طلقها فأراد أن يرجع عليها بنصف الصداق فلا يجوز فيها إلا واحد من قولين أحدهما أن يكون العفو إبراء له مما لها عليها فلا يرجع عليها بشيء قد ملكه عليها ومن قال هذا قال لم يجب عليها شيء إلا من قبل ما كان لها عليه بإبرائه منه قبل القبض أو بعد القبض والدفع إليه والثاني أن له أن يرجع عليها بنصفه كان عفوها قبل القبض أو بعد القبض والدفع إليه وذلك أنه قد ملكه عليها بغير الوجه الذي وجب لها عليه . الهبة قبل الطلاق
وإذا فالبراءة باطلة من قبل أنها أبرأته مما لا تعلم كم وجب لها منه ولو سمى لها مهرا جائزا فرضيته ثم أبرأته منه فالبراءة جائزة من قبل أنها أبرأته مما عرفت ولو نكح الرجل المرأة التي يجوز أمرها في مالها بصداق غير مسمى أو بصداق فاسد فأبرأته من الصداق قبل أن تقبضه إن كانت قبضته كانت البراءة باطلة وترده بكل حال ولها صداق مثلها فإذا علمته فأبرأته منه كانت براءتها جائزة ألا ترى أن سمى لها مهرا فاسدا فقبضته أو لم تقبضه فأبرأته منه أو ردته عليه لم يبرأ حتى يعلم المالك المال لأنه قد يبرئه منه على أنه درهم ولا يبرئه لو كان أكثر قال : ولو رجلا لو قال لرجل قد صار لك في يدي مال من وجه فقال أنت منه بريء كانت البراءة جائزة ولم يكن لها أن ترجع بشيء بعد البراءة ولو كانت لم تقبضه ولكنها أحالت عليه ثم أبرأته كانت البراءة باطلة لأنها أبرأته مما ليس لها وما ملكه لغيرها ولو كان المهر صحيحا معلوما ولم تقبضه حتى طلقها فأبرأته من نصف المهر الذي وجب لها عليه جازت البراءة مما بقي عليه ولم تجز مما أحالت به عليه لأنه قد خرج منها إلى غيرها فأبرأته مما ليس لها عليه ولا تملكه فعلى هذا ، هذا الباب كله وقياسه . كانت أحالت عليه بأقل من نصف المهر ثم أبرأته من نصف المهر