ما جاء في الصداق ( قال ) قال الله تبارك وتعالى { الشافعي وآتوا النساء صدقاتهن نحلة } وقال عز وجل { فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن } وقال { أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن } وقال { ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن } وقال { وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وءاتيتم } الآية وقال { الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم } وقال { وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله } فأمر الله الأزواج أن يؤتوا النساء أجورهن وصدقاتهن والأجر هو والصداق هو الأجر والمهر وهي كلمة عربية تسمى بعدة أسماء فيحتمل هذا أن يكون مأمورا بالصداق من فرضه دون من لم يفرضه دخل أو لم يدخل لأنه حق ألزمه نفسه ولا يكون له حبس لشيء منه إلا بالمعنى الذي جعله الله له وهو أن يطلق قبل الدخول قال الله عز وجل { الصداق وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن [ ص: 171 ] يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح } ويحتمل أن يكون يجب بالعقدة وإن لم يسم مهرا ولم يدخل ، ويحتمل أن يكون المهر لا يلزم إلا بأن يلزمه المرء نفسه أو يدخل بالمرأة وإن لم يسم لها مهرا فلما احتمل المعاني الثلاث كان أولاها أن يقال به ما كانت عليه الدلالة من كتاب الله أو سنة أو إجماع فاستدللنا بقول الله عز وجل { لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن } على أن عقدة النكاح تصح بغير فريضة صداق .
وذلك أن الطلاق لا يقع إلا على من تصح عقدة نكاحه ، وإذا جاز أن يعقد النكاح بغير مهر فيثبت بهذا دليل على أن ، البيوع لا تنعقد إلا بثمن معلوم والنكاح ينعقد بغير مهر وإذا جاز أن ينعقد بغير مهر فيثبت استدلالنا على أن العقدة تصح بالكلام وأن الصداق لا يفسد عقدة النكاح أبدا وإذا كان هكذا فلو الخلاف بين النكاح والبيوع ثبتت العقدة بالكلام وكان للمرأة مهر مثلها إذا أصيبت على أنه لا صداق على عقد النكاح بمهر مجهول أو حرام وذلك أنه يجب بالعقدة والمسيس وإن لم يسم مهرا بالآية وبقول الله عز وجل { من طلق إذا لم يسم مهرا ولم يدخل وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين } يريد - والله تعالى أعلم - بالنكاح والمسيس بغير مهر على أنه ليس لأحد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينكح فيمس إلا لزمه مهر مع دلالة الآي قبله .