ما جاء في أقطع اليد والرجل يسرق ( قال ) رحمه الله تعالى أخبرنا الشافعي عن مالك عن أبيه أن عبد الرحمن بن القاسم رضي الله عنه قطع يد سارق اليسرى وقد كان أقطع اليد والرجل وذكر أبا بكر الصديق عن عبد الله بن عمر عن نافع صفية بنت أبي عبيد عن مثله ( قال أبي بكر ) فقال قائل : إذا قطعت يده ورجله ثم سرق حبس وعزر ولم يقطع فلا يقدر على أن يمشي قيل قد روينا هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الشافعي في دار الهجرة وأبي بكر يراه ويشير به على وعمر أبي بكر وقد روي عنه أنه قطع أيضا فكيف خالفتموه ؟ قيل قاله رضي الله عنه قلنا فقد رويتم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في القطع أشياء مستنكرة وتركتموها عليه منها أنه قطع بطون أنامل صبي ومنها أنه قطع القدم من نصف القدم . علي بن أبي طالب
وكل ما رويتم عن رضي الله عنه في القطع غير ثابت عندنا فكيف تركتموها عليه لا مخالف له فيها واحتججتم به على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي لا حجة في أحد معها وعلى علي أبي بكر في دار الهجرة وعلى ما يعرفه أهل العلم ؟ أرأيت حين قال الله عز وجل { وعمر والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا } ولم يذكر اليد والرجل إلا في المحارب فلو قال قائل : يعتل بعلتكم أقطع يده ولا أزيد عليها ; لأنه إذا قطعت يده ورجله ذهب بطشه ومشيه فكان مستهلكا أتكون الحجة عليه إلا ما مضى من السنة والأثر وإن اليد والرجل هي مواضع الحد وإن تلفت أرأيت حين حد الله عز وجل الزاني والقاذف لو حد مرة ثم عاد أليس يعاد له أبدا ما عاد ؟ أرأيت إن قال قائل : قد ضرب مرة فلا يعاد له ما الحجة عليه إلا أن يقال للضرب موضع فمتى كان الموضع قائما حد عليه وكذلك الأيدي والأرجل ما كان للقطع موضع أتى عليها وهو مستهلك فكيف لم يمتنعوا من استهلاكه واعتلوا في ترك قطع اليسرى بالاستهلاك ؟ وكيف حدوا من وجب عليه القتل بالقتل وهذا [ ص: 143 ] أقصى غاية الاستهلاك ودرءوا الحدود ها هنا لعلة الاستهلاك مع خلاف السنة والأثر وكيف يقطعون يديه ورجليه لو قطع من أربع أناس يدين ورجلين ؟ أرأيت لو قال قائل : إنه إذا قطع من كل رجل عضوا منه بقي له ثلاثة وإذا أتيت على أعضائه الأربعة كان مستهلكا فلا أقطعه إلا الواحد أو اثنين . أقطع اليد والرجل
فإن قال قائل : قال الله عز وجل { والجروح قصاص } قال فأتأول ما كانت حال المقتص منه مثل حال المقتص له وأقول : أنت لا تقص من جرح واحد إذا أشبه الاستهلاك وتجعله دية والإتيان على قوائمه عين الاستهلاك ما الحجة عليه إلا أن للقصاص موضعا فكذلك للقطع موضع والله سبحانه وتعالى أعلم . .