الشهادة في الزنا
( قال ) رحمه الله : قال الله تبارك وتعالى في القذفة { الشافعي لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون } ( قال ) رحمه الله فلا يجوز في الزنا الشهود أقل من أربعة بحكم الله عز وجل ثم بحكم رسوله صلى الله عليه وسلم فإذا لم يكملوا أربعة فهم قذفة ، وكذلك حكم عليهم الشافعي فجلدهم جلد القذفة ولم أعلم بين أحد لقيته ببلدنا اختلافا فيما وصفت من أنه لا يقبل في الزنا أقل من أربعة وأنهم إذا لم يكملوا أربعة حدوا حد القذف وليس هكذا شيء من الشهادات غير شهود الزنا ( قال عمر بن الخطاب ) أخبرنا الشافعي عن مالك عن أبيه عن سهيل { أبي هريرة قال يا رسول الله أرأيت إن وجدت مع امرأتي رجلا أمهله حتى آتي بأربعة شهداء ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم سعد بن عبادة } ( قال أن ) رحمه الله ففي هذا ما يبين أن شهود الزنا أربعة وأن ليس لأحد دون الإمام أن يقتل ولا يعاقب بما رأى ( قال الشافعي ) أخبرنا الشافعي عن مالك يحيى بن سعيد عن أن رجلا ابن المسيب بالشام وجد مع امرأته رجلا فقتله أو قتلها فكتب معاوية إلى بأن يسأل له عن ذلك أبي موسى الأشعري رضي الله عنه فسأله فقال عليا " إن هذا لشيء ما هو بأرض علي العراق عزمت عليك لتخبرني " فأخبره فقال رضي الله عنه أنا أبو الحسن فإن لم يأت بأربعة شهداء فليعط برمته " ( قال علي ) رحمه الله : وبهذا كله نأخذ ولا أحفظ عن أحد قبلنا من أهل العلم فيه مخالفا ( قال الشافعي ) فقال بعض الناس إن الشافعي نظرنا فإن كان المقتول يعرف بالسرقة درأنا عن القاتل القتل وضمناه الدية وإن كان غير معروف بالسرقة أقدنا ولي القتيل منه ( قال قتل رجل رجلا في داره فقام عليه أولياء القتيل فقال وجدته في داري يريد السرقة فقتلته ) فقلت له رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأذن الشافعي في رجل لو وجده مع امرأته حتى يأتي بأربعة شهداء لسعد بن عبادة رضي الله عنه يقول " إن لم يأت بأربعة شهداء فليعط برمته " فكيف خالفت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والأثر عن وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ؟ قال : روينا عن علي رضي الله عنه أنه أهدره فقلت له قد روى عمر بن الخطاب أنه أهدره فقال هذا قتيل الله والله لا يودى أبدا وهذا عندنا من عمر أن البينة قامت عنده على المقتول أو على أن ولي المقتول أقر عنده بما وجب به أن يقتل المقتول قال هل رويتم هذا في الخبر ؟ قلنا قال فالخبر على ظاهره قلنا فأنت تخالف ظاهره قال وأين ؟ قلنا عمر لم يسأل أيعرف المقتول [ ص: 149 ] بالزنا أم لا وأنت لا تجيز فيمن عرف بالزنا أن يعقل ويقتل به من قتله إلا أن تأتي عليه ببينة عمر لم يجعل فيه دية وأنت تجعل فيه دية قال : فأنا إنما قسته على حكم وعمر رضي الله عنه قلت وما ذلك الحكم قال روى لعمر بن الخطاب عمرو بن دينار أن كتب في رجل من عمر بني شيبان قتل نصرانيا من أهل الحيرة إن كان القاتل معروفا بالقتل فاقتلوه وإن كان غير معروف بالقتل فذروه ولا تقتلوه فقلت وهذا غير ثابت عن رضي الله عنه وإن كان ثابتا عندك فتقول به ؟ فقال : لا بل يقتل القاتل للنصراني كان معروفا بالقتل أو غير معروف به فقلت له أيجوز لأحد ينسب إلى شيء من العلم أن يزعم أن قصة رواها عن رجل ليست كما قضى به ويخالفها ثم يقيس عليها إذا تركها فيما قضى بها فيه لم يكن له أن يشبه عليه غيرها ( قال عمر ) وقلت له أيضا تخطئ القياس الذي رويت عن الشافعي أنه أمر أن ينظر في حال القاتل أمعروف بالقتل فيقاد أو غير معروف به فيرفع عنه القود وأنت لم تنظر في السارق ولا إلى القاتل إنما نظرت إلى المقتول قال فما تقول ؟ قلت أقول بالسنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والخبر عن عمر رضي الله عنه والأمر الذي يعرفه أهل العلم قال وما يعرف أهل العلم ؟ قلت أما يكون الرجل ببلد غريبا لا يعرف بالسرقة فيقتله رجل فيسأل عنه بذلك البلد فلا يعرف بالسرقة وهو معروف ببلد غيره بالسرقة ؟ قال بلى قلت أما يعرف بالسرقة ثم يتوب ؟ قال بلى قلت : أما يكون أن يدعوه رجل لضغن منه عليه فيقول اعمل لي عمل كذا ثم يقتله ويقول دخل علي ؟ قال بلى قلت : وما يكون غير سارق فيبتدئ السرقة فيقتله رجل وأنت تبيح له قتله به ؟ قال بلى قلت فإذا كانت هذه الحالات وأكثر منها في القاتل والمقتول ممكنة عندك فكيف جاز أن قلت ما قلت بلا كتاب ولا سنة ولا أثر ولا قياس على أثر ؟ ، قال فتقول ماذا قلت أقول : إن جاء عليه بشهود يشهدون على ما يحل دمه أهدرته فلم أجعل فيه عقلا ولا قودا وإن لم يأت عليه بشهود أقصصت وليه منه ولم أقبل فيه قوله وتبعت فيه السنة ثم الأثر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ولم أجعل للناس الذريعة إلى قتل من في أنفسهم عليه شيء ثم يرمونه بسرقة كاذبين . . علي