( قال ) رحمه الله تعالى : ولو الشافعي إفريقية ، أو العراق ، أو غيرهما من البلدان لم يكن عليه شيء ; لأنه ليس لله طاعة في المشي إلى شيء من البلدان وإنما يكون المشي إلى الموضع الذي يرتجى فيه البر ، وذلك نذر فقال علي المشي إلى المسجد الحرام وأحب إلي لو مسجد المدينة أن يمشي وإلى نذر أن يمشي إلى مسجد بيت المقدس أن يمشي لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { المسجد الحرام ومسجدي هذا ومسجد بيت المقدس } ولا يبين لي أن أوجب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ومسجد بيت المقدس كما يبين لي أن أوجب المشي إلى المشي إلى بيت الله الحرام ، وذلك أن البر بإتيان بيت الله تعالى فرض ، والبر بإتيان هذين نافلة ، وإذا بيت الله ولا نية له فالاختيار أن يمشي إلى نذر أن يمشي إلى بيت الله الحرام ولا يجب ذلك عليه إلا بأن ينويه ; لأن المساجد بيوت الله وهو إذا نذر أن يمشي إلى مسجد مصر لم يكن عليه أن يمشي إليه ، ولو نذر برا أمرناه بالوفاء به ولم يجبر عليه وليس هذا كما يؤخذ للآدميين من الآدميين هذا عمل فيما بينه وبين الله عز وجل لا يلزمه إلا بإيجابه على نفسه بعينه ، وإذا نذر الرجل أن ينحر بمكة لم يجزه إلا أن ينحر بمكة ، وذلك أن النحر بمكة بر ، وإن نذر أن ينحر بغيرها ليتصدق لم يجزه أن ينحر إلا حيث نذر أن يتصدق وإنما أوجبته وليس في النحر في غيرها بر ; لأنه نذر أن يتصدق على مساكين ذلك البلد فإذا نذر أن يتصدق على مساكين بلد فعليه أن يتصدق عليهم