قال رضي الله عنه في أبو حنيفة إنه لا قود على الممسك والقود على القاتل ولكن الممسك يوجع عقوبة ويستودع في السجن وقال أهل الرجل يمسك الرجل للرجل فيضربه بسلاح فيموت مكانه المدينة إن أمسكه وهو يرى أنه يريد قتله قتلا به جميعا وقال كيف يقتل الممسك ولم يقتل وإذا أمسكه وهو يرى أن لا يريد قتله فتقتلون الممسك قالوا لا إنما نقتله إذا ظن أنه يريد قتله قيل لهم فلا نرى القود في قولكم يجب على الممسك إلا بظنه والظن يخطئ ويصيب أرأيتم رجلا دل على رجل فقتله والذي دل يرى أنه سيقتله إن قدر عليه أيقتل الدال والقاتل جميعا وقد دل عليه في موضع لا يقدر على أن يتخلص منه ينبغي في قولكم أن تقتلوا الدال كما تقتلون الممسك أرأيتم محمد بن الحسن ينبغي في قولكم أن يقتلا جميعا أرأيتم رجلا حبس امرأة لرجل حتى زنى بها أيحدان جميعا أو يحد الذي فعل الفعل ؟ فإن كانا محصنين أيرجمان جميعا ؟ ينبغي لمن قال يقتل الممسك أن يقول يقام الحد عليهما جميعا أرأيتم رجلا سقى خمرا أيحدان جميعا حد الخمر أم يحد الشارب خاصة ؟ أرأيتم رجلا أمر رجلا أن يفتري على رجل فافترى عليه أيحدان جميعا أم يحد القاذف خاصة ؟ ينبغي في قولكم أن يحدا جميعا هذا ليس بشيء ، لا يحد إلا الفاعل ولا يقتل إلا القاتل ولكن [ ص: 350 ] على الآخر التعزير والحبس . أخبرنا رجلا أمر رجلا بقتل رجل فقتله أيقتل القاتل والآمر قال أخبرنا إسماعيل بن عياش الحمصي عبد الملك بن جريج عن عن عطاء بن أبي رباح رضي الله عنه أنه قال في رجل قتل رجلا متعمدا وأمسكه آخر فقال يقتل القاتل ويحبس الآخر في السجن حتى يموت . علي بن أبي طالب
( قال ) رحمه الله تعالى : حد الله الناس على الفعل نفسه وجعل فيه القود فقال تبارك وتعالى { الشافعي كتب عليكم القصاص في القتلى } وقال { ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا } فكان معروفا عند من خوطب بهذه الآية أن السلطان لولي المقتول على القاتل نفسه وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { } وقال الله تبارك وتعالى { من اعتبط مسلما يقتل فهو قود يده الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } وقال { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة } ولم أجد أحدا من خلق الله تعالى يقتدى به حد أحدا قط على غير فعل نفسه أو قوله فلو أن رجلا حبس رجلا لرجل فقتله قتل به القاتل وعوقب الحابس ولا يجوز في حكم الله تعالى إذا قتلت القاتل بالقتل أن أقتل الحابس بالحبس والحبس غير القتل ومن قتل هذا فقد أحال حكم الله عز وجل لأن الله إذا قال { كتب عليكم القصاص في القتلى } فالقصاص أن يفعل بالمرء مثل ما فعل . وقلنا أرأيت الحابس إذا اقتصصنا منه والقصاص هو أن يفعل به مثل ما فعل هل ثم قتل فيقتل به وإنما ثم حبس والحبس معصية وليس فيها قصاص فيعزر عليها وسواء حبسه ليقتله أو لا يقتله ولو كان الحبس يقوم مقام القتل إذا نوى الحابس أن يقتل المحبوس انبغى لو لم يقتل أن يقتله لأنه قد فعل الفعل الذي يقيمه مقام القتل مع النية ولكنه على خلاف ما قال صاحبنا وعلى ما قال في الجملة وعامة ما أدخل محمد بن الحسن على صاحبنا يدخل وأكثر منه ولكن محمد لا يسلم من أن يغفل في موضع آخر فيدخل في أكثر مما عاب على صاحبنا فيكون جميع ما احتج به على صاحبنا في هذا الموضع حجة عليه فإن قال قائل : وما ذلك ؟ قيل يزعم أن قوما لو قطعوا الطريق فقتلوا ولهم قوم ردء حيث يسمعون الصوت وإن كانوا لا يرون ما فعل هؤلاء من القتل قتل القاتلون بقتلهم والرادون بأن هؤلاء قتلوا بقوتهم . محمد
( قال ) رحمه الله تعالى : فقلت الشافعي رحمه الله أو رويت في هذا شيئا ؟ فلم يذكر رواية فقلت له أرأيت رجلا شديدا أراد رجل ضعيف أن يقتله فقال لرجل شديد لولا ضعفي قتلت فلانا فقال أنا أكتفه لك فكتفه وجلس على صدره ورفع لحيته حتى أبرز مذبحه وأعطى الضعيف سكينا فذبحه فزعمت أنك تقتل الذابح لأنه هو القاتل ولا تلتفت إلى معونة هذا الذي كان سببه لأن السبب غير الفعل وإنما يؤاخذ الله الناس على الفعل أكان هذا أعون على قتل هذا أو الردء على قتل من مر في الطريق ؟ ثم تقول في الردء لو كانوا حيث لا يسمعون الصوت وإن كانوا يرون القوم ويعززونهم ويقوونهم لم يكن عليهم شيء إلا التعزير فمن حد لك حيث يسمعون الصوت قال فصاحبكم يقول معي مثل هذا في الردء يقتلون قلت فتقوم لك بهذا حجة على غيرك إن كان قولك لا يكون حجة أفيكون قول صاحبنا الذي تستدرك عليه مثل هذا حجة ؟ قال فلا تقله قلت لا ولم أجد أحدا يعقل يقوله ومن قاله خرج من حكم الكتاب والقياس والمعقول ولزمه كثير مما احتججت به فلو كنت إذا احتججت في شيء أو عبته سلمت منه كان . لمحمد بن الحسن
( قال ) وروي عن الشافعي رضي الله عنه أنه قال يقتل القاتل ويحبس الممسك حتى يموت وهو لا يحبسه حتى يموت فخالف ما احتج به . علي بن أبي طالب