باب عتق المماليك مع الدين
( قال ) : رضي الله تعالى عنه : فإذا الشافعي بيع الرقيق ولا يعتق منهم أحد ولو كان عليه دين يحيط ببعض ماله جزئ الرقيق أجزاء ، ثم كتب سهم العتق وسهم الرق على قدر الدين عليه ، فإن كان الدين ثلثا كتب الدين سهما والعتق سهمين ، ثم أقرع بينهم فأيهم خرج عليه سهم الدين فهو سهم الرق فيباعون فيوفى ما عليه من دينه ، وإن وقع على جزء وكانوا أكثر من دينه أقرع بينهم بالعتق والرق فأيهم خرج عليه سهم الرق بيع فيه ، فإن بقي منه شيء جزئ الباقي منهم مع الباقين ، ثم استؤنف بينهم القرعة ، كأنه لم يترك غيرهم ، وإن خرج سهم الرق على جزء أقل من دينه بيعوا ، ثم أعيدت القرعة على من بقي حتى يباع له بقدر دينه وهكذا إن كان دينه أكثر من الثلث زيد له في سهام الرق والقرعة حتى يستوفي حقه ويبدأ أبدا بسهم الرق ، فإن قال قائل : كيف أقرعت بالعتق والرق ، ثم بعت من خرجت عليه قرعة الرق ولم تعتق من خرجت له قرعة العتق ؟ قيل له إن الدين أولى من العتق ، فلما كانوا مستوين في العتق والرق لم أميز بينهم إلا بالقرعة . كان على الميت دين يحيط بماله
فإذا خرجت قرعة الرق برئ من خرجت قرعته بثبوت الرق من العتق فبعته ، وكان من بقي مستوين في العتق والرق للورثة فأعدت القرعة بينهم فمن خرجت له قرعة العتق عتق ومن خرجت عليه قرعة الرق رق فإن بيع منه بقدر الدين ، ثم عتق ثلث ما يبقى منه ورق ثلثاه ولو أعتقهم بعد قضاء دينه ولم أعلم عليه دينا غير الذي قضيت به فأعتقت ثلثهم ، ثم ظهر عليه دين يحيط بهم رددت عتقهم وبعتهم في الدين عليه ، وكذلك أبيع من في يد الورثة منهم وأخذت كل مال في أيديهم إذا اغترقه الدين ، فإن قال قائل : كيف ترد الحكم وقد كان صوابا ؟ ترك عبدا واحدا أعتقه وعليه دين : كان صوابا على الظاهر عندنا ، فلما صار الظاهر عندنا أن ما حكمنا أولا به على غير ما حكمنا به رددناه ولم نرد ظاهرا لباطن مغيب ، وإنما رددنا الحكم بالظاهر لظاهر حكم أحق منه ولو كان الذي ظهر عليه من الدين لا يحيط برقيقه كلهم عدت فأقرعت بينهم قرعة الرق وقرعة العتق وبدأت بقرعة العتق ، فأيهم خرج عليه رددت عتقه وبعته ، أو بعت منه ما يقضى به دين الميت ، فإذا فعلت حال الحكم في بعض أمرهم كأن كنت أعتقت اثنين قيمتهما مائة ودفعت إلى الورثة أربعة قيمتهم مائتان ، ثم ثبت على الميت مائة دينار ، فإن كان الوارث واحدا فاختار إخراج المائة فأخرجها نقص ثلث مال الميت ونقصت من عتق اللذين عتقا ما زاد على الثلث ، ثم أقرعت بينهما بسهم الرق وسهم العتق فأيهم خرج عليه سهم الرق أرققت منه ما جاوز الثلث ، وذلك أنهما عتقا وثلث الميت في الظاهر مائة . قلت
[ ص: 9 ] دينار ، ثم صار ثلث الميت ستة وثلاثين وثلثي دينار ، والذين لهم الدين خرج لهم سهم العتق بكماله حرا ، وصار بعض الذي خرج عليه سهم الرق حرا وبعضه مملوكا فأعتقنا منه ما بقي من ثلث مال الميت ، وذلك ستة عشر سهما وثلثا سهم من خمسين سهما ، وإن كان الورثة اثنين فصاعدا نقصنا قسم الأربعة الأسهم وبعنا منهم حتى يوفى الغريم حقه ، ثم عدنا بالقرعة في الرق والحرية على الاثنين كما وصفت ، ثم استأنفنا القسم بين الورثة على من بقي ممن كان في أيديهم من الرقيق وعلى من بقي من العبيد المعتق بعضهم المرق بعضهم ، فقسمناهم قسما مستأنفا بالقيمة ، وكلما ظهر عليه دين صنعنا به كما وصفت من نقض القسم وغيره في المسألة قبل هذا ولو لم يظهر عليه دين ولكن استحق أحد العبيد الذين في أيدي الورثة نقضنا القسم وعدنا على العتق فنقصنا بعضه بالقرعة ; لأن ثلث مال الميت نقص ولو استحق أحد العبدين اللذين عتقا بقي الآخر حرا وأقرعنا بين اللذين في أيدي الورثة فأعتقنا ممن خرجت له قرعة العتق ما بقي من الثلث ونقضنا القسم بينهم فاستأنفناه جديدا .