[ ص: 233 ] ، وما دخل في ذلك من كتاب السائبة . كتاب العطايا والصدقات والحبس
( قال ) : رحمه الله يجمع ما يعطى الناس من أموالهم ثلاثة وجوه ثم يتشعب كل وجه منها ففي الحياة منها وجهان وبعد الممات منها وجه فمما في الحياة الصدقات واحتج فيها بأن { الشافعي رضي الله عنه ملك مائة سهم من عمر بن الخطاب خيبر فقال يا رسول الله لم أصب مالا مثله قط ، وقد أردت أن أتقرب به إلى الله - تعالى - فقال النبي صلى الله عليه وسلم حبس الأصل وسبل الثمرة } .
( قال ) : رحمه الله فلما أجاز صلى الله عليه وسلم أن يحبس أصل المال وتسبل الثمرة دل ذلك على إخراجه الأصل من ملكه إلى أن يكون محبوسا لا يملك من سبل عليه ثمره بيع أصله فصار هذا المال مباينا لما سواه ، ومجامعا لأن يخرج العبد من ملكه بالعتق لله - عز وجل - إلى غير مالك فملكه بذلك منفعة نفسه لا رقبته كما يملك المحبس عليه منفعة المال لا رقبته ، ومحرم على المحبس أن يملك المال كما محرم على المعتق أن يملك العبد . الشافعي
( قال ) : ويتم الحبس ، وإن لم يقبض ; لأن الشافعي رضي الله عنه هو المصدق بأمر النبي صلى الله عليه وسلم ولم يزل يلي صدقته - فيما بلغنا - حتى قبضه الله ، ولم يزل عمر رضي الله عنه يلي صدقته حتى لقي الله - تعالى - ، ولم تزل علي رضي الله عنها تلي صدقتها حتى لقيت الله وروى فاطمة رحمه الله حديثا ذكر فيه أن الشافعي فاطمة بنت رسول الله تصدقت بمالها على بني هاشم وبني المطلب وأن - كرم الله وجهه - تصدق عليهم وأدخل معهم غيرهم . عليا
( قال ) : رحمه الله الشافعي وبنو هاشم وبنو المطلب محرم عليهم الصدقات المفروضات ولقد حفظنا الصدقات عن عدد كثير من المهاجرين والأنصار ولقد حكى لي عدد من أولادهم وأهلهم أنهم كانوا يتولونها حتى ماتوا ينقل ذلك العامة منهم عن العامة لا يختلفون فيه .
( قال ) : رحمه الله وإن أكثر ما عندنا الشافعي بالمدينة ، ومكة من الصدقات لعلى ما وصفت لم يزل من تصدق بها من المسلمين من السلف يلونها حتى ماتوا ، وإن نقل الحديث فيها كالتكلف .
( قال ) : واحتج محتج بحديث { شريح محمدا صلى الله عليه وسلم جاء بإطلاق الحبس } فقال أن الحبس الذي جاء بإطلاقه صلى الله عليه وسلم لو كان حديثا ثابتا كان على ما كانت الشافعي العرب تحبس من البحيرة والوصيلة والحام ; لأنها كانت أحباسهم ، ولا نعلم جاهليا حبس دارا على ولد ، ولا في سبيل الله ، ولا على مساكين { الحبس لعمر } على ما روينا والذي جاء بإطلاقه غير الحبس الذي أجازه صلى الله عليه وسلم . وأجاز النبي صلى الله عليه وسلم
( قال ) : واحتج محتج بقول لا حبس عن فرائض الله . شريح
( قال ) : رحمه الله لو جعل عرصة له مسجدا لا تكون حبسا عن فرائض الله - تعالى - فكذلك ما أخرج من ماله فليس بحبس عن فرائض الله . الشافعي
( قال ) : ويجوز الشافعي إذا عرفت بعينها قياسا على النخل والدور والأرضين فإذا الحبس في الرقيق والماشية فقد خرجت من ملكه فلا تعود ميراثا أبدا ، ولا يجوز أن يخرجها من ملكه إلا إلى مالك منفعة يوم يخرجها إليه فإن لم يسبلها على من بعدهم كانت محرمة أبدا . قال تصدقت بداري على قوم أو رجل معروف حي يوم تصدق عليه ، وقال صدقة محرمة أو قال موقوفة أو قال صدقة مسبلة
[ ص: 234 ] فإذا انقرض المتصدق بها عليه كانت محرمة أبدا ورددناها على أقرب الناس بالذي تصدق بها يوم ترجع ، وهي على ما شرط من الأثرة والتقدمة والتسوية بين أهل الغنى والحاجة ، ومن إخراج من أخرج منها بصفة ورده إليها بصفة .
( ومنها ) : في الحياة الهبات والصدقات غير المحرمات وله إبطال ذلك ما لم يقبضها المتصدق عليه والموهوب له فإن قبضها أو من يقوم مقامه بأمره فهي له ، ويقبض للطفل أبوه . نحل أبو بكر رضي الله عنهما جداد عشرين وسقا فلما مرض قال : وددت أنك كنت قبضتيه وهو اليوم مال الوارث . عائشة
( ومنها ) : بعد الوفاة الوصايا وله إبطالها ما لم يمت .