باب الكلام في الصلاة
حدثنا الربيع قال أخبرنا قال أخبرنا الشافعي سفيان عن عن عاصم بن أبي النجود أبي وائل عن عبد الله قال { الحبشة فيرد علينا وهو في [ ص: 651 ] الصلاة فلما رجعنا من أرض الحبشة أتيته لأسلم عليه فوجدته يصلي فسلمت عليه فلم يرد علي فأخذني ما قرب وما بعد فجلست حتى إذا قضى صلاته أتيته فقال إن الله يحدث من أمره ما يشاء وإن مما أحدث الله أن لا تتكلموا في الصلاة } حدثنا كنا نسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة قبل أن نأتي أرض الربيع قال أخبرنا قال أخبرنا الشافعي عن مالك أيوب عن عن محمد بن سيرين { أبي هريرة ذو اليدين أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله ؟ فقال رسول الله أصدق ذو اليدين ؟ فقال الناس : نعم فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى اثنتين أخريين ثم سلم ثم كبر فسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع ثم كبر فسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع } . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من اثنتين ، فقال له
أخبرنا عن مالك عن داود بن الحصين أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد قال سمعت يقول : { أبا هريرة ذو اليدين فقال أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله ؟ فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس ، فقال أصدق ذو اليدين ؟ فقالوا : نعم فأتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بقي من الصلاة ثم سجد سجدتين وهو جالس بعد التسليم } . صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر فسلم من ركعتين فقام
أخبرنا عن عبد الوهاب الثقفي خالد الحذاء عن عن أبي قلابة أبي المهلب عن قال { عمران بن حصين الخرباق رجل بسيط اليدين فنادى يا رسول الله أقصرت الصلاة أم نسيت ؟ فخرج رسول الله مغضبا يجر رداءه فسأل فأخبر فصلى تلك الركعة التي كان ترك ثم سلم ثم سجد سجدتين ثم سلم } . سلم النبي في ثلاث ركعات من العصر ثم قام فدخل الحجرة فقام
( قال ) فبهذا كله نأخذ فنقول إن حتما أن لا يعمد أحد الشافعي وهو ذاكر لأنه فيها فإن فعل انتقضت صلاته وكان عليه أن يستأنف صلاة غيرها لحديث الكلام في الصلاة عن النبي ثم ما لا أعلم فيه مخالفا ممن لقيت من أهل العلم قال ومن تكلم في الصلاة وهو يرى أنه قد أكملها أو نسي أنه في صلاة فتكلم فيها بنى على صلاته وسجد للسهو ، ولحديث ابن مسعود ذي اليدين وأن من تكلم في هذه الحال فإنما تكلم وهو يرى أنه في غير صلاة والكلام في غير الصلاة مباح وليس يخالف حديث حديث ابن مسعود ذي اليدين وحديث في الكلام جملة ودل حديث ابن مسعود ذي اليدين ، على { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرق بين كلام العامد والناسي } لأنه في صلاة أو المتكلم وهو يرى أنه قد أكمل الصلاة .
باب الخلاف في الكلام في الصلاة ساهيا
حدثنا الربيع قال : قال فخالفنا بعض الناس في الكلام في الصلاة وجمع علينا فيها حججا ما جمعها علينا في شيء غيره إلا في اليمين مع الشاهد ومسألتين أخريين ( قال الشافعي ) فسمعته يقول حديث الشافعي ذي اليدين حديث ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرو عن رسول الله شيء قط أشهر منه ، ومن حديث : العجماء جرحها جبار وهو أثبت من حديث العجماء جرحها جبار ولكن حديث ذي اليدين منسوخ فقلت ما نسخه ؟ فقال حديث ثم ذكر الحديث الذي بدأت به الذي فيه { ابن مسعود } فقلت له والناسخ إذا اختلف الحديثان الآخر منهما فقال نعم قلت له أو لست تحفظ في حديث إن الله يحدث من أمره ما يشاء وإن مما أحدث الله أن لا تتكلموا في الصلاة هذا أن ابن مسعود مر على النبي ابن مسعود بمكة قال فوجدته يصلي في فناء الكعبة وأن هاجر إلى أرض ابن مسعود الحبشة ثم رجع إلى مكة ثم هاجر إلى المدينة وشهد بدرا ؟ قال : بلى فقلت له : فإذا كان مقدم على النبي صلى الله عليه وسلم ابن مسعود بمكة قبل هجرة النبي ثم كان يروي أن النبي أتى جذعا في مؤخر مسجده أليس تعلم أن النبي لم يصل في مسجده إلا بعد هجرته من عمران بن حصين مكة ؟ قال : بلى ، قلت فحديث يدلك على أن حديث عمران ليس بناسخ لحديث ابن مسعود ذي اليدين [ ص: 652 ] يقول صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فلا أدري ما صحبه وأبو هريرة قلت قد بدأنا بما فيه الكفاية من حديث أبو هريرة الذي لا يشكل عليك عمران إنما صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو هريرة بخيبر وقال صحبت النبي صلى الله عليه وسلم أبو هريرة بالمدينة ثلاث سنين أو أربعا قال الربيع أنا شككت وقد أقام النبي بالمدينة سنين سوى ما أقام بمكة بعد مقدم وقبل يصحبه ابن مسعود فيجوز أن يكون حديث أبو هريرة ناسخا لما بعده قال : لا قلت له لو كان حديث ابن مسعود مخالفا حديث ابن مسعود عمران كما قلت ، وكان عمد الكلام وأنت تعلم أنك في صلاة كهو إذا تكلمت ، وأنت ترى أنك أكملت الصلاة أو نسيت الصلاة كان حديث وأبي هريرة منسوخا وكان الكلام في الصلاة مباحا ولكنه ليس بناسخ ولا منسوخ ولكن وجهه ما ذكرت من أنه لا يجوز الكلام في الصلاة على الذكر ، وأن التكلم في الصلاة إذا كان هكذا يفسد الصلاة وإذا كان النسيان والسهو وتكلم وهو يرى أن الكلام مباح بأن يرى أن قد قضى الصلاة أو نسي أنه فيها لم تفسد الصلاة قال : فأنتم تروون أن ابن مسعود ذا اليدين قتل ببدر قلت فاجعل هذا كيف شئت أليست صلاة النبي بالمدينة في حديث عمران بن حصين والمدينة إنما كانت بعد حديث ابن مسعود بمكة ؟ قال : بلى قلت : وليست لك إذا كان كما أردت فيه حجة لما وصفت ، وقد كانت بدر بعد مقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة بستة عشر شهرا ، قال أفذو اليدين الذي رويتم عنه المقتول ببدر ؟ قلت : لا يسميه عمران الخرباق ويقول قصير اليدين أو مديد اليدين والمقتول ببدر ذو الشمالين ولو كان كلاهما ذا اليدين كان اسما يشبه أن يكون وافق اسما كما تتفق الأسماء ، فقال بعض من ذهب مذهبه : فلنا حجة أخرى قلنا وما هي ؟ قال إن معاوية بن الحكم حكى أنه تكلم في الصلاة فقال رسول الله { } فقلت له فهذا عليك ولا لك إنما يروى مثل قول إن الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام بني آدم سواء والوجه فيه ما ذكرت قال فإن قلت هو خلافه قلت فليس ذلك لك ونكلمك عليه فإن كان أمر ابن مسعود قبل أمر معاوية ذي اليدين فهو منسوخ ويلزمك في قولك أن يصلح الكلام في الصلاة كما يصلح في غيرها وإن كان أمر معه أو بعده فقد تكلم فيها فيما حكيت وهو جاهل بأن الكلام غير محرم في الصلاة ولم يحك أن النبي أمره بإعادة الصلاة فهو مثل حديث معاوية ذي اليدين أو أكثر لأنه تكلم عامدا للكلام في حديثه إلا أنه حكى أنه قال هذا في حديثه كما ذكرت قلت فهو عليك إن كان على ما ذكرته وليس لك إن كان كما قلنا قال فما تقول ؟ قلت أقول إنه مثل حديث تكلم وهو جاهل أن الكلام لا يكون محرما في الصلاة غير مخالف حديث ابن مسعود ذي اليدين فقال فإنكم خالفتم حين فرعتم حديث ذي اليدين قلت فخالفناه في الأصل قال لا ولكن في الفرع قلت فأنت خالفته في نصه ، ومن خالف النص عندك أسوأ حالا ممن ضعف نظره فأخطأ التفريع قال : نعم وكل غير معذور .
( قال ) فقلت له : فأنت خالفت أصله وفرعه ولم نخالف نحن من أصله ولا من فرعه حرفا واحدا فعليك ما عليك في خلافه وفيما قلت من أنا خالفنا منه ما لم نخالفه قال فأسألك حتى أعلم أخالفته أم لا ؟ قلت فسل قال ما تقول في إمام انصرف من اثنتين فقال له بعض من صلى معه قد انصرفت من اثنتين فسأل آخرين ، فقالوا صدق ؟ قلت أما المأموم الذي أخبره والذين شهدوا أنه صدق وهم على ذكر من أنه لم يقض صلاته فصلاتهم فاسدة قال فأنت تروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى وتقول قد قضى معه من حضر وإن لم تذكره في الحديث قلت أجل قال فقد خالفته قلت لا ولكن حال إمامنا مفارقة حال رسول الله قال فأين افتراق حاليهما في الصلاة والإمامة ؟ قال فقلت له إن الله كان ينزل فرائضه على رسوله فرضا بعد فرض فيفرض عليه ما لم يكن فرضه عليه ويخفف عنه بعض فرضه قال : أجل ؟ قلت : ولا نشك نحن ولا أنت ولا مسلم أن رسول الله لم ينصرف إلا وهو يرى أن قد أكمل الصلاة قال : أجل ، قلت : فلما فعل لم يدر الشافعي ذو اليدين أقصرت الصلاة بحادث من الله أم نسي النبي وكان [ ص: 653 ] ذلك بينا في مسألته إذ قال أقصرت الصلاة أم نسيت ؟ قال : أجل ، قلت ولم يقبل النبي من ذي اليدين إذ سأل غيره ، قال : أجل ، قلت : ولما سأل غيره احتمل أن يكون سأل من لم يسمع كلامه فيكون مثله واحتمل أن يكون سأل من سمع كلامه ولم يسمع النبي رد عليه فلما لم يسمع النبي رد عليه كان في معنى ذي اليدين من أنه لم يستدل النبي بقوله ولم يدر أقصرت الصلاة أم نسي النبي فأجابه ومعناه معنى ذي اليدين من أن الفرض عليهم جوابه ألا ترى أن النبي لما أخبروه فقبل قولهم لم يتكلم ولم يتكلموا حتى بنوا على صلاتهم ، قال فلما قبض الله رسوله تناهت فرائضه فلا يزاد فيها ولا ينقص منها أبدا قال : نعم فقلت هذا فرق بيننا وبينه ، فقال من حضره هذا فرق بين لا يرده عالم لبيانه ووضوحه فقال فإن من أصحابكم من قال ما تكلم به الرجل في أمر الصلاة لم يفسد صلاته ، قال فقلت له : إنما الحجة علينا ما قلنا لا ما قال غيرنا .
( قال ) وقال قد كلمت غير واحد من أصحابك فما احتج بهذا ولقد قال العمل على هذا فقلت له قد أعلمتك أن العمل ليس له معنى ولا حجة لك علينا بقول غيرنا قال : أجل ، قلت فدع ما لا حجة لك فيه وقلت له : قد أخطأت في خلافك حديث الشافعي ذي اليدين مع ثبوته وظلمت نفسك بأنك زعمت أنا ومن قال به نحل الكلام وما أحللنا ولا هم من هذا شيئا قط وقد زعمت أن والجماع والغناء في الصلاة فسدت صلاته لأن السلام زعمت في غير موضعه كلام ، وإن سلم وهو يرى أنه قد أكمل بنى فلو لم يكن عليك حجة إلا هذا كفى بها عليك حجة ونحمد الله على عيبكم خلاف الحديث وكثرة خلافكم له . المصلي إذا سلم قبل أن يكمل الصلاة وهو ذاكر أنه لم يكملها