باب المصراة ( الخراج بالضمان )
حدثنا الربيع قال أخبرنا أخبرنا الشافعي سعيد بن سالم عن عن ابن أبي ذئب مخلد بن خفاف عن عن عروة بن الزبير أن رسول الله قال { عائشة } أخبرنا الخراج بالضمان عن مسلم هشام عن أبيه عن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { عائشة } . الخراج بالضمان
( قال ) وأحسب بل لا أشك إن شاء الله أن الشافعي نص الحديث فذكر { مسلما } . أخبرنا أن رجلا ابتاع عبدا فاستعمله ثم ظهر منه على عيب فقضى له رسول الله برده بالعيب ، فقال المقضى عليه قد استعمله ، فقال رسول الله : الخراج بالضمان عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج أن رسول الله قال { أبي هريرة } أخبرنا لا تصروا الإبل والغنم فمن ابتاعها بعد ذلك فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها إن رضيها أمسكها وإن سخطها ردها وصاعا من تمر سفيان عن أيوب عن عن محمد بن سيرين عن النبي مثله إلا أنه قال { أبي هريرة } ( قال ردها وصاعا من تمر لا سمراء ) وحديث الخراج بالضمان وحديث المصراة واحد وهما متفقان فيما اجتمع فيه معناهما وفي حديث المصراة شيء ليس في حديث الشافعي قال وذلك أن مبتاع الشاة أو الناقة المصراة مبتاع لشاة أو ناقة فيها لبن ظاهر وهو غيرهما كالثمر في النخلة الذي إذا شاء قطعه وكذلك اللبن إذا شاء حلبه واللبن مبيع مع الشاة وهو سواها وكان في ملك البائع فإذا حلبه ثم أراد ردها بعيب التصرية ردها وصاعا من تمر كثر اللبن أو قل كان قيمته أو أقل من قيمته لأن ذلك شيء وقته رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن جمع فيه بين الإبل والغنم ، والعلم يحيط أن ألبان الإبل والغنم مختلفة الكثرة والأثمان وأن ألبان كل الإبل والغنم مختلفة وكذلك البقر لأنها في معناها . الخراج بالضمان
( قال ) فإن فإن ردها بالعيب ردها ولا يرد اللبن الذي حلبه بعد لبن التصرية لأنه لم يكن في ملك البائع وإنما كان حادثا في ملك المبتاع كما حدث الخراج في ملكه ويرد صاعا من تمر للبن التصرية فقط . رضي الذي ابتاع المصراة أن يمسكها بعيب التصرية ثم حلبها زمانا ثم ظهر منها على عيب غير التصرية
( قال ) وإذا ابتاع العبد فإنما ابتاعه بعينه وما حدث له في يده من خدمة أو خراج أو مال أفاده فهو للمشتري لأنه حادث في ملكه لم تقع عليه صفقة البيع فهو كلبن الشاة الحادث بعد لبن التصرية في ملك مشتريها لا يختلف الشافعي وكذلك لو أخذ لها أصوافا أو شعورا أو أوبارا وكذلك لو أخذ للحائط ثمرا إذا كانت يوم يردها بحالها يوم أخذها أو أفضل وهكذا وكذلك نتاج الماشية يشتريها فتنتج ثم يظهر منها على عيب فيردها دون النتاج والخراج والخدمة ليسا بأكثر مما وصفت من وطء ثيب لا ينقصها الوطء وأخذ ثمرة ولبن ونتاج إذا لم ينقص الشجر والأمهات وكذلك وطء الأمة الثيب قد دلس له فيها بعيب يردها ولا شيء عليه في الوطء والضمان الذي يكون له به الكراء ضمان يحل له بالبيع بكل حال ألا ترى أنه يحل له في كل شيء دلس له فيه بعيب مما وصفت أن يمسكه بعيبه ويموت ويهلك فيهلك من ماله ويعتق المماليك فيقع عليهم عتقه لأنه مالك تام الملك جعل له رسول الله صلى الله عليه وسلم خيارا فيما دلس له به إن شاء رده وإذا جعل له إن شاء رده فقد جعل له إن شاء أن يمسكه فقد أبان رسول الله أن له أن يمسك في الشاة المصراة ، فقال { كراء الدار يبتاعها فيستغلها ثم يظهر منها على عيب يكون له الكراء بالضمان } مع إبانته الأول بقوله إن شاء رده ( قال إن رضيها فأمسكها وإن سخطها ردها وصاعا من تمر ) فأما [ ص: 666 ] ما ضمن ببيع فاسد أو غصب أو غير ملك صحيح فلا يكون له خراجه ولا يكون له منفعة ما لا يحل له حبسه وكيف يجوز إذا جعل رسول الله المنفعة من المملوك للذي يحل له ملكه المالك المدلس أن يحيل معناه أن يجعل لغير مالك ولمن لا يحل له حبس الذي فيه المنفعة فيكون قد أحيل إلى ضده وخولف فيه معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم . الشافعي
باب الخلاف في المصراة
حدثنا الربيع قال ( قال ) فخالفنا بعض الناس في المصراة فقال : الحديث فيها ثابت ولكن الناس كلهم تركوه فقلت له أفتحكي لي عن أحد من أصحاب رسول الله أنه تركه ؟ قال : لا قلت فأنت تحكي عن الشافعي أنه قال فيها مثل معنى ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ وقلت له أو تحكي عن أحد من التابعين أنه تركه ؟ فما علمته ذكر في مجلسه ذلك أحدا منهم يخالفه قال : إنما عنيت بالناس المفتين في زماننا أو قبلنا لا التابعين قلت له : أتعني بأي البلدان ؟ قال : ابن مسعود بالحجاز والعراق : فقلت له : فاحك لي من تركه بالعراق ؟ قال لا يقول به وأصحابه قلت أفتعد أصحابه إلا رجلا واحدا لأنهم قبلوه عن واحد ؟ قال : فلم أعلم غيره قال به . قلت أنت أخبرتنا عن أبو حنيفة أنه قال بردها وقيمة اللبن يومئذ قال : وهكذا كان يقول ولكن لا نقول به . فقلت أجل : ولكن ابن أبي ليلى قد زاد الحديث فتأول فيه شيئا يحتمله ظاهره عندنا على غيره فقلنا بظاهره ابن أبي ليلى أراد اتباعه لا خلافه . وابن أبي ليلى
قال فما كان يقول فيه ؟ قلت أخبرني من سمعه يقول بالحديث قال فما كان مالك الزنجي يقول فيه ؟ قلت سمعته يفتي فيه بمعنى الحديث ( قال ) وقلت له ما كان من يفتي الشافعي بالبصرة يقول فيه : قال ما أدري قلت أفرأيت من غاب عنك قوله من أهل البلدان أيجوز لي أن أقول على حسن الظن بهم وافقوا حديث رسول الله قال : لا إلا أن تعلم قولهم ( قال ) فقلت فقد زعمت أن الناس كلهم تركوا القول بحديث رسول الله في المصراة وزعمت على لسانك أنه لا يجوز لك ما قلت ولم يحصل في يديك من الناس أحد تسميه غير صاحبك وأصحابه . الشافعي
( قال ) وقلت له : وهل وجدت لرسول الله حديثا يثبته أهل الحديث يخالفه عامة الفقهاء إلا إلى حديث لرسول الله مثله ؟ قال : كنت أرى هذا قلت فقد علمت الآن أن هذا ليس هكذا قال وكنت أرى حديث الشافعي أن جابر كان يصلي مع النبي العتمة ثم يأتي معاذا بني سلمة فيصلي بقومه العتمة هي له نافلة ولهم فريضة فوجدنا أصحابكم المكيين وأصحابه يقولون به ووجدنا عطاء وهب بن منبه والحسن وبعض مفتي أهل زماننا يقولون به قلت وغير من سميت ؟ قال : أجل وفي هؤلاء ما دل على أن الناس لم يجمعوا على تركه قلت له ولقد جهدت منذ لقيتك وجهدنا أن نجد حديثا واحدا يثبته أهل الحديث خالفته العامة فما وجدنا إلا أن يخالفوه إلى حديث رسول الله فذكر حديثا قلت أثابت هو ؟ قال : لا فقلت ما لا يثبت مثله فليس بحجة لأحد ولا عليه قال : فكيف نرد صاعا من تمر ولا نرد ثمن اللبن . وأبا رجاء العطاردي
قلت أثبت هذا عن النبي ؟ قال : نعم قلت وما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فليس فيه إلا التسليم فقولك وقول غيرك فيه لم وكيف خطأ قال بعض من حضره نعم قلت فدع كيف إذا قررت أنها خطأ في موضع فلا تضعها الموضع الذي هي فيه خطأ قال بعض من حضره وكيف كانت خطأ ؟ قلت : إن الله تعبد خلقه في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم بما شاء لا معقب لحكمه فعلى الناس اتباع ما أمروا به وليس لهم فيه إلا التسليم [ ص: 667 ] وكيف إنما تكون في قول الآدميين الذين يكون قولهم تبعا لا متبوعا ولو جاز في القول اللازم كيف حتى يحمل على قياس أو فطنة عقل لم يكن للقول غاية ينتهي إليها وإذا لم يكن له غاية ينتهي إليها بطل القياس ولكن القول قولان : قول فرض لا يقال فيه كيف . وقول تبع يقال فيه كيف يشبه القول الغاية .
( قال الربيع ) والقول الغاية الكتاب والسنة ( قال ) قلت له : هل تعلم في قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم الخراج بالضمان معنى إلا اثنين قال ما هما ؟ قلت إن الخراج حادث بعمل العبد ولم يكن في ملك البائع ولم يكن له فيه حصة من الثمن فلا يجوز لما كان هكذا في ملك المشتري أن يكون إلا للمشتري وأنه صلى الله عليه وسلم قضى به للمالك ملكا صحيحا قال لا قلت فإنك لما فرعت خالفت بعض معناهما معا قال وأين خالفت ؟ قلت زعمت أن خراج العبد والأمة وخدمتهما وما ملكا بهبة أو وصية أو كنز وجداه أو غيره من وجوه الملك يكون لسيده الذي اشتراه ودلس له فيه بالعيب وله رده والخدمة وما ملك العبد بلا خراج غير الخراج فإذا قيل لك لم تجعل ذلك له وهو غير الخراج والخراج يكون بعمله وما وهب له يكون بغير عمله ولا يشغله عن خدمته ؟ فقلت لأنه حادث في ملكه ليس مما انعقدت عليه صفقة البيع وزعمت أن ألبان الماشية وإنتاجها وصوفها وثمر النخل لا يكون مثل الخراج لأن هذا شيء منها والخراج ليس من العبد وتعب العبد بالخراج أكثر من تعب الماشية باللبن والصوف والشعر يؤخذ منها وكلاهما حادث في ملك المشتري وزعمت أن المشتري إذا كان جارية فأصابها لم يكن له ردها فقيل له أو تنقصها الإصابة ؟ قال : لا ، فقيل : الإصابة أكثر أو يجد ألف دينار ركازا فليأخذها السيد وكلاهما حادث في ملكه . فقلت فلم فرقت بينهما ؟ قال لأنه وطئ أمته فقلت أو ليست أمته حين يردها ؟ قال : بلى قلت ولولا أنها أمته لم يأخذ كنزا وجدته . قال : نعم ، قلت فما معنى وطء أمته وهي عندنا وعندك أمته حتى يردها ؟ قال : فروينا هذا عن الشافعي قلت أثبت عن علي ؟ فقال بعض من حضره من أهل الحديث : لا ، قال فروينا عن علي يردها وذكر عشرا أو نحوا من ذلك قلت أثبت عن عمر ؟ قال بعض من حضره : لا ، قلت فكيف تحتج بما لم يثبت وأنت تخالف عمر لو كان قاله ؟ قال أفليس يقبح أن يرد جارية قد وطئها بالملك . قلت أيقبح لو باعها ؟ قال : لا ، قلت فإذا جعل له رسول الله صلى الله عليه وسلم رد العبد بالعيب والأمة عندنا وعندك مثل العبد وأنت ترد الأمة ما لم يطأها فكيف قلت في الوطء خاصة وهو لا ينقصها لا يردها إذا وطئها من شراء مرة أو مرتين ؟ قال ما انتفع به منها وهو ينتفع منها بما وصفت ويردها معه قال فمن أصحابنا من وافقك على أن يرد الجارية إذا وطئت إذا كانت ثيبا وخالفك في نتاج الماشية فقلت الحجة عليه الحجة عليك . عمر