باب صدقة الخلطاء
أخبرنا الربيع قال أخبرنا قال جاء الحديث { الشافعي } ( قال لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية ) : والذي لا أشك فيه أن الخليطين الشريكان لم يقسما الماشية ، وتراجعهما بالسوية أن يكونا خليطين في الإبل فيها الغنم توجد الإبل في يد أحدهما فتؤخذ في صدقتها فيرجع على شريكه بالسوية ( قال الشافعي ) : وقد يكون الخليطان لرجلين يتخالطان بماشيتهما ، وإن عرف كل واحد منهما ماشيته ، ولا يكونان خليطين حتى يروحا ويسرحا ويسقيا معا ، وتكون فحولهما مختلطة ، فإذا كانا هكذا صدقا صدقة الواحد بكل حال ( قال الشافعي ) : وإن تفرقا في مراح ، أو سقي ، أو فحول فليسا خليطين ويصدقان صدقة الاثنين ( قال الشافعي ) : ولا يكونان خليطين حتى يحول عليهما حول من يوم اختلطا ، فإذا حال عليهما حول من يوم اختلطا زكيا زكاة الواحد ، وإن لم يحل عليهما حول زكيا زكاة الاثنين ، وإن اختلطا حولا ثم افترقا قبل أن يأتي المصدق ، والحول زكيا زكاة المفترقين الشافعي
( قال ) : وهكذا إذا كانا شريكين ( قال ) : ولا أعلم مخالفا في أن الشافعي ولا ينظر إلى عددهم ولا حصة كل واحد منهم ( قال ثلاثة خلطاء [ ص: 15 ] لو كانت لهم مائة وعشرون شاة أخذت منهم شاة واحدة فصدقوا صدقة الواحد ) : وإذا قالوا هذا فنقصوا المساكين شاتين من مال الخلطاء الثلاثة الذين لو فرق مالهم كان فيه ثلاث شياه لم يجز إلا أن يقولوا لو كانت الشافعي ; لأنهم صدقوا الخلطاء صدقة الواحد ( قال أربعون شاة بين ثلاثة وأكثر كان عليهم فيها صدقة ) : وبهذا أقول فيصدق الخلطاء صدقة الواحد في الماشية كلها الإبل ، والبقر ، والغنم وكذلك الخلطاء في الزرع ، والحائط أرأيت لو أن الشافعي أما كانت فيها الصدقة ؟ وإن كانت حصة كل واحد منهم من تمره لا تبلغ خمسة أوسق ( قال حائطا صدقته مجزأة على مائة إنسان ليس فيه إلا عشرة أوسق ) : في هذا صدقة ، وفي كل شرك صدقة إذا بلغت جملته خمسة أوسق بكل حال ( قال الشافعي ) : وما قلت في الخلطاء معنى الحديث نفسه ثم قول الشافعي وغيره من أهل العلم أخبرنا عطاء بن أبي رباح الربيع قال أخبرنا قال أخبرنا الشافعي مسلم بن خالد عن قال سألت ابن جريج عن النفر يكون لهم أربعون شاة قال عليهم شاة ( قال عطاء ) : فإن قال قائل فقد قيل في الحديث { الشافعي } قيل : فهذا يدل على ما قلنا لا يفرق بين ثلاثة في عشرين ومائة خشية إذا جمع بينهم أن يكون فيها شاة ; لأنها إذا فرقت ففيها ثلاث شياه ولا يجمع بين متفرق ، ورجل له مائة شاة وآخر له مائة شاة وشاة ، فإذا تركا على افتراقهما كانت فيها شاتان ، وإذا اجتمعت كانت فيها ثلاث ورجلان لهما أربعون شاة ، وإذا افترقت فلا شيء فيها ، وإذا اجتمعت ففيها شاة فالخشية خشية الوالي أن تقل الصدقة وخشية أخرى ، وهي خشية رب المال أن تكثر الصدقة وليس واحد منهما أولى باسم الخشية من الآخر فأمر أن نقر كلا على حاله ، وإن كان مجتمعا صدق مجتمعا ، وإن كان متفرقا صدق متفرقا ( قال لا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين مفترق خشية الصدقة ) : وأما قول وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية لجماعة أن يكون الشافعي فتؤخذ الشاة من غنم أحدهما فيرجع المأخوذ منه الشاة على خليطه بنصف قيمة الشاة المأخوذة عن غنمه وغنمه إذا كان عدد غنمهما واحدا . للرجلين مائة شاة وتكون غنم كل واحد منهما معروفة
فإن كانت الشاة مأخوذة من غنم رجل له ثلث الغنم ولشريكه ثلثاها رجع المأخوذ منه الشاة على شريكه بثلثي قيمة الشاة المأخوذة عن غنمه وغنم شريكه ; لأن ثلثيها أخذ عن غنم شريكه فغرم حصة ما أخذ عن غنمه ( قال ) : ولو كانت في غنمهما معا ثلاث شياه فأخذت الثلاث من غنم واحد له ثلث الغنم رجع على خليطه بثلثي قيمة الثلاث الشياه المأخوذة عن غنمها ولا يرجع عليه بقيمة شاتين منها ، وذلك أن الشياه الثلاث أخذت معا فثلثاها عن خليطه وثلثها عنه مختلطة لا مقسومة ( قال الشافعي ) : ولا يصدق صدق الخلطاء أحد إلا أن يكون الخليطان مسلمين معا ، فأما إن خالط نصراني مسلما صدق المسلم صدقة المنفرد ; لأنه إنما يصدق الرجلان كما يصدق الواحد إذا كانا معا ممن عليه الصدقة ، فأما إذا كان أحدهما ممن لا صدقة عليه فلا ( قال الشافعي ) : وهكذا إن خالط مكاتب حرا ; لأنه لا صدقة في مال مكاتب ( قال الشافعي ) : وإذا كانا خليطين عليهما صدقة فالقول فيهما كما وصفت ( قال الشافعي ) : ولو كانت غنمهما سواء وكانت فيهما عليهما شاتان فأخذت من غنم كل واحد منهما شاة وكانت قيمة الشاتين المأخوذتين متقاربة لم يرجع واحد منهما على صاحبه بشيء ; لأنه لم يؤخذ منه إلا ما عليه في غنمه لو كانت على الانفراد ، ولو كانت لأحدهما ثلث [ ص: 16 ] الغنم ، والآخر ثلثاها فأخذت من غنم أحدهما شاة ، ومن غنم الآخر شاة رجع الذي له ثلث على شريكه بقيمة ثلث الشاة التي أخذت من غنمه ; لأن ثلثها مأخوذ عن غنم صاحبه وثلثها مأخوذ عن غنم نفسه . الشافعي
( قال ) : وإذا أخذت من غنم أحدهما شاة وغنمهما سواء في العدد فتداعيا في قيمة الشاة فالقول قول الذي يؤخذ منه نصف قيمة الشاة وعلى رب الشاة البينة ، فإن أقام رب الشاة البينة على أن قيمتها عشرة رجع بخمسة ، وإن لم يقم بينة فقال شريكه : قيمتها خمسة حلف ورجع عليه بدرهمين ونصف ( قال الشافعي ) : ولو ظلمهما الساعي فأخذ من غنم أحدهما عن غنمه وغنم الآخر شاة ربى ، أو ماخضا ، أو ذات در ، أو تيسا ، أو شاتين ، وإنما عليهما شاة فأراد المأخوذ منه الشاة الرجوع على خليطه بنصف قيمة ما أخذ من غنمه عن غنمهما لم يكن له أن يرجع عليه إلا بقيمة نصف ما وجب عليهما إن كانت ثنية ، أو جذعة لا يزيد على ذلك وكذلك لو لم يكن عليهما شاة فأخذ من غنم أحدهما شاة لم يرجع على خليطه بشيء ; لأنه أخذها بظلم إنما يرجع عليه بالحق الذي وجب عليه ، وكذلك لو وجبت عليهما شاة فأخذ بقيمتها دراهم ، أو دنانير لم يرجع عليه إلا بقيمة نصف الشاة التي وجبت عليهما ( قال الشافعي ) : وكذلك لو وجبت عليهما شاة فتطوع فأعطاه أكبر من السن التي وجبت عليه لم يرجع إلا بنصف قيمة السن التي وجبت عليه ، وإذا تطوع بفضل ، أو ظلمه لم يرجع به . الشافعي
( قال ) : وهذه المسائل كلها إذا كانت غنم كل واحد منهما تعرف بعينها ، فأما إذا كانا شريكين في جميع الغنم سواء لا فرق بين غنمهما فأخذ منهما ظلم كثير ، أو قليل لا يتراجعان في شيء من الظلمة ; لأن الظلمة دخلت عليهما معا الشافعي