وقال بعض الناس مثل قولنا أن كل ما أخذ من مسلم فسبيله سبيل الصدقات وقالوا : سبيل الركاز سبيل الصدقات ورووا مثل ما روينا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : . في الركاز الخمس
( قال ) : والمعادن من الركاز وفي كل ما أصيب من دفن الجاهلية مما تجب فيه الزكاة أو لا تجب فهو ركاز ولو أصابه غني أو فقير كان ركازا فيه الخمس . الشافعي
( قال ) : ثم عاد لما شدد فيه كله فأبطله فزعم أن الشافعي أن يكتمه الوالي وللوالي أن يرده عليه بعد ما يأخذه منه ويدعه له ( قال الرجل إذا وجد ركازا فواسع فيما بينه وبين الله عز وجل ) : أو رأيت إذ زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل في الركاز الخمس وزعم أن كل ما أخذ من مسلم قسم على قسم الصدقات فقد أبطل الحق بالسنة في أخذه وحق الله عز وجل في قسمه . الشافعي
والخمس إنما يجب عندنا وعنده في ماله لمساكين جعله الله عز وجل لهم فكيف جاز للوالي أن يترك حقا أوجبه الله عز وجل في ماله ، وذلك الحق لمن قسمه الله عز وجل له ؟ أرأيت لو قال قائل : هذا في عشر الطعام أو زكاة الذهب أو زكاة التجارة أو غير ذلك مما يؤخذ من المسلمين ما الحجة [ ص: 102 ] عليه ؟ أليس أن يقال : إن الذي عليك في مالك إنما هو شيء وجب لغيرك فلا يحل للسلطان تركه لك ولا لك حبسه إن تركه لك السلطان عمن جعله الله تبارك وتعالى له ؟ .
( قال ) : ولست أعلم من قال هذا في الركاز ولو جاز هذا في الركاز جاز في جميع من وجب عليه حق في ماله أن يحبسه وللسلطان أن يدعه له فيبطل حق من قسم الله عز وجل له من أهل السهمان الثمانية فقال : إنا روينا عن الشافعي الشعبي أن رجلا وجد أربعة آلاف أو خمسة آلاف فقال رضي الله عنه : " لأقضين فيها قضاء بينا ، أما أربعة أخماس فلك وخمس للمسلمين " ثم قال : " والخمس مردود عليك " . علي بن أبي طالب
( قال ) : وهذا الحديث ينقض بعضه بعضا إذ زعم أن الشافعي قال وخمس للمسلمين فكيف يجوز أن يكون الوالي يرى للمسلمين في مال رجل شيئا ثم يرده عليه أو يدعه له والواجب على الوالي أن لو منع رجل من المسلمين شيئا لهم في ماله أن يجاهده عليه . عليا
( قال ) : وهذا عن الشافعي مستنكر ، وقد روي عن علي بإسناد موصول أنه قال " أربعة أخماس لك واقسم الخمس على فقراء أهلك " وهذا الحديث أشبه علي لعل بعلي علمه أمينا وعلم في أهله فقراء من أهل السهمان فأمره أن يقسمه فيهم . عليا
( قال ) : وهم مخالفون ما روي عن الشافعي الشعبي من وجهين : أحدهما : أنهم يزعمون أن من كانت له مائتا درهم فليس للوالي أن يعطيه ولا له أن يأخذ شيئا من السهمان المقسومة بين من سمى الله عز وجل ولا من الصدقة تطوعا والذي زعموا أن ترك له خمس ركازه ، وهذا رجل له أربعة آلاف درهم ولعله أن يكون له مال سواها ويزعمون أن الوالي إذا أخذ منه واجبا في ماله لم يكن للوالي أن يعود بما أخذ منه عليه ولا على أحد ويزعمون أن لو وليها هو دون الوالي لم يكن له حبسها ولا دفعها إلى أحد يعوله . عليا
( قال ) : والذي روي عن الشافعي رضي الله عنه إعادتها عليه بعد أن أخذها منه ، أو تركها له قبل أن يأخذها منه ، وهذا إبطالها بكل وجه وخلاف ما يقولون وإذا صار له أن يكتمها وللوالي أن يردها عليه فليست بواجبة عليه وتركها لا تؤخذ منه وأخذها سواء ، وقد أبطل بهذا القول السنة في أن في الركاز الخمس وأبطل به حق من قسم الله عز وجل له من أهل السهمان الثمانية . علي
فإن قال لا يصلح هذا إلا في الركاز قيل ، فإذا قال قائل : فإذا صلح في الركاز وهو من الصدقات صلح في كلها ولو جاز لك أن تخص بعضها دون بعض قلت يصلح في العشور وصدقات الماشية ، وقال غيري وغيرك يصلح في صدقة الرقة ولا يصلح في هذا ، فإن قال : فإنما هو خمس وكذلك الحق فيه كما الحق في الزرع العشر ، وفي الرقة ربع العشر ، وفي الماشية مختلفة ، وهي مخالفة كل هذا ، وإنما يؤخذ من كل بقدر ما جعل فيه ويقسم كل حيث قسم الصدقات .
( قال ) : ثم خالفنا بعض الناس فيما يعطى من الصدقات فقال : لا يأخذ منها أحد له مال تجب فيه الزكاة ولا يعطى منها أحد مائتي درهم ولا شيء تجب فيه الزكاة . الشافعي
( قال ) : وإذا كان الرجل لا يكون له مائتا درهم ولا شيء تجب فيه الزكاة فلا يحل له أن يأخذ منها شيئا إذا لم يكن محتاجا بضعف حرفة أو كثرة عيال ، وكان الرجل يكون له أكثر منها فيكون محتاجا بضعف الحرفة أو بغلبة العيال فكانت الحاجة إنما هي ما عرف الناس على قدر حال الطالب للزكاة وماله لا على قدر المال فقط فكيف إذا كان الرجل له مائة من العيال ومائتا درهم لا يعطى ، وهذا المحتاج البين الحاجة ، وآخر إن لم يكن له مائتا درهم ولا عيال له وليس بالغنى أعطي والناس يعلمون أن هذا الذي أمر بإعطائه أقرب من الغنى والذي نهي عن إعطائه أبعد من الغنى ولم إذا كان الغارم يعطى ما يخرجه من الغرم لا يعطى الفقير ما يخرجه من الفقر وهو أن يقول [ ص: 103 ] إن أخرجه من الفقر إلى الغنى مائة درهم أو أقل لم يزد عليها فلم إذا لم يخرجه من الفقر إلى الغنى إلا مائتا درهم لا يعطاها وهو يوم يعطاها لا زكاة عليه فيها إنما الزكاة عليه فيها إذا حال عليها حول من يوم ملكها . الشافعي