الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
وعن nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=688491nindex.php?page=treesubj&link=24902_24714والذي نفسي بيده لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره خير له من أن يأتي رجلا أعطاه الله من فضله فيسأله أعطاه أو منعه .
وَعَنْ nindex.php?page=showalam&ids=13723الْأَعْرَجِ عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : nindex.php?page=hadith&LINKID=688491nindex.php?page=treesubj&link=24902_24714وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ رَجُلًا أَعْطَاهُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَيَسْأَلَهُ أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَهُ .
(الحديث السابع) عن nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال nindex.php?page=hadith&LINKID=688491والذي نفسي بيده لأن [ ص: 83 ] يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره خير له من أن يأتي رجلا أعطاه الله من فضله فيسأله أعطاه أو منعه . (فيه) فوائد : (الأولى) أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من هذا الوجه من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وفي روايتهما حبله بالإفراد ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=13331ابن عبد البر أن في جل الموطآت " ليأخذ " وفي رواية ابن نافع nindex.php?page=showalam&ids=17126ومعن بن عيسى لأن يأخذ . قال وهو المراد والمقصد والمعنى مفهوم (قلت) في روايتنا من طريق أبي مصعب لأن يأخذ وكذا هو في موطإ nindex.php?page=showalam&ids=17296يحيى بن بكير وفي صحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن عبد الله بن يوسف كلهم عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وأخرجه الشيخان nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من رواية nindex.php?page=showalam&ids=12074أبي عبيد مولى nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة بلفظ nindex.php?page=hadith&LINKID=688491لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خير له من أن يسأل أحدا فيعطيه أو يمنعه لفظ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ولفظ nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي بمعناه وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16834قيس بن أبي حازم عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة بلفظ nindex.php?page=hadith&LINKID=688491لأن يغدو أحدكم فيحتطب على ظهره فيتصدق به ويستغني به من الناس خير له من أن يسأل رجلا أعطاه أو منعه ، ذلك بأن اليد العليا أفضل من اليد السفلى وابدأ بمن تعول قال nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي صحيح غريب يستغرب من حديث بيان عن قيس .
(الثانية) فيه nindex.php?page=treesubj&link=24902الحلف لتقوية الأمر وتأكيده .
(الثالثة) قوله (أحبله) بفتح الهمزة وإسكان الحاء المهملة وضم الباء الموحدة جمع حبل وهو معروف ويجمع أيضا على حبال ، وقوله فيحتطب بتاء الافتعال وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم فيحطب بغير تاء وهو صحيح .
(الرابعة) فيه nindex.php?page=treesubj&link=24476_24714ترجيح الاكتساب على السؤال ولو كان بعمل شاق كالاحتطاب ولو لم يقدر على بهيمة يحمل الحطب عليها بل حمله على ظهره ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=13331ابن عبد البر عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه قال مكسبة فيها بعض الدناءة خير من مسألة الناس فإن قلت لا خير في السؤال فما وجه هذا الترجيح [ ص: 84 ] قلت) يحتمل وجهين :
(أحدهما) أن ذلك حيث اضطر إلى السؤال بحيث لا يصير فيه دم أصلا فتركه مع ذلك خير من فعله وفي هذا الجواب نظر ؛ لأن nindex.php?page=treesubj&link=24714من أمكنه الاحتطاب لم يضطر إلى السؤال (ثانيهما) أن هذه الصيغة وهي خير قد تستعمل في غير الترجيح كما في قوله تعالى nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=24أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا
(الخامسة) nindex.php?page=treesubj&link=24476في الاكتساب فائدتان الاستغناء عن السؤال والتصدق ، وقد ذكرهما في قوله في رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080لمسلم فيتصدق به ويستغني من الناس كذا هو في أكثر نسخ صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بالميم وفي بعضها عن الناس بالعين قال النووي وكلاهما صحيح والأول محمول على الثاني .
(السادسة) فيه nindex.php?page=treesubj&link=24477_26491_24476فضيلة الاكتساب بعمل اليد ، وقد ذكر بعضهم أنه أفضل المكاسب ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي أصول المكاسب الزراعة والتجارة والصنعة وأيها أطيب ؟ فيه مذاهب للناس أشبهها بمذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أن التجارة أطيب . قال والأشبه عندي أن الزراعة أطيب ؛ لأنها أقرب إلى التوكل قال النووي في شرح المهذب في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن nindex.php?page=showalam&ids=241المقدام بن معدي كرب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال nindex.php?page=hadith&LINKID=985734ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده قال النووي فالصواب ما نص عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عمل اليد فإن كان زراعا فهو أطيب المكاسب وأفضلها ؛ لأنه عمل يده ولأن فيه توكلا كما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي ولأن فيه نفعا عاما للمسلمين والدواب وأنه لا بد في العادة أن يؤكل منه بغير عوض فيحصل له أجره وإن لم يكن ممن يعمل بيده بل يعمل له غلمانه وأجراؤه فاكتسابه بالزراعة أفضل لما ذكرناه ، وقال في الروضة بعد ذكره الحديث المتقدم فهذا صريح في ترجيح الزراعة والصناعة لكونهما من عمل يده ولكن الزراعة أفضلهما لعموم النفع بها للآدمي وغيره وعموم الحاجة إليها والله أعلم .
وغاية ما في حديث الباب تفضيل الاحتطاب على السؤال وليس فيه أنه أفضل المكاسب فلعله ذكره لتيسره ولا سيما في بلاد الحجاز لكثرة ذلك فيها .
(السابعة) وفيه الاكتساب بالمباحات كالحطب والحشيش النابتين في موات واستدل به nindex.php?page=showalam&ids=15350المهلب على nindex.php?page=treesubj&link=26071الاحتطاب والاحتشاش من الأرض المملوكة حتى يمنع من ذلك مالك الأرض فترفع حينئذ الإباحة وهو مردود فإن nindex.php?page=treesubj&link=26072_26073النابت في الأرض [ ص: 85 ] المملوكة ملك لمالكها فلا يجوز التصرف فيه بغير إذنه ثم حكى nindex.php?page=showalam&ids=15350المهلب عن nindex.php?page=showalam&ids=12927ابن المواز أنه حكى عن ابن القاسم عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك قال nindex.php?page=treesubj&link=26095_26082كانت له أرض يملكها ليست بأرض خربة فإن أراد أن يبيع ما ينبت فيها من المرعى بعد طيبه أنه لا بأس به ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب لا يجوز ذلك ؛ لأنه رزق من رزق الله تعالى ولا يحل لرب الأرض أن يمنع منه أحدا لقوله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=688583لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ ولو كان النبات في حائط إنسان لما حل له أن يمنع منه أحدا لقوله عليه الصلاة والسلام لا حمى إلا لله ولرسوله ، وقال الكوفيون كقول nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب انتهى .
(الثامنة) أشار في رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم إلى nindex.php?page=treesubj&link=24716_24476العلة في تفضيل الاكتساب على السؤال وهي أن اليد العليا أفضل من اليد السفلى والمكتسب يده عليا إن تصدق ، وكذا إن لم يتصدق وفسرنا العليا هي المتعففة عن السؤال فقد يستدل بهذا على ترجيح الرواية التي فيها اليد العليا بالمتعففة ؛ لأنه لا يلزم من الاكتساب الصدقة لكن تبين برواية nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أن تفصيل الاكتساب هو للصدقة والاستغناء عن الناس وكما أنه لا يلزم من الاكتساب الصدقة لا يلزم من الاكتساب التعفف عن السؤال فرب مكتسب مكتف يسأل تكثرا والله أعلم .