الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع nindex.php?page=showalam&ids=16430وعبد الله بن دينار عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=hadith&LINKID=670502أن رجلا نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ما ترى في nindex.php?page=treesubj&link=16844_16850الضب ؟ فقال: لست بآكله ولا محرمه nindex.php?page=showalam&ids=17080ولمسلم في رواية ورسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر .
عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع nindex.php?page=showalam&ids=16430وعبد الله بن دينار عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أن رجلا نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ترى في الضب ؟ فقال لست بآكله ولا محرمه .
(فيه) فوائد
(الأولى) أخرجه الأئمة الستة خلا nindex.php?page=showalam&ids=11998أبا داود فرواه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من هذا الوجه بهذا اللفظ عن nindex.php?page=showalam&ids=16818قتيبة عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع nindex.php?page=showalam&ids=16430وعبد الله بن دينار ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=16818قتيبة عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن nindex.php?page=showalam&ids=16430عبد الله بن دينار وحده بلفظ nindex.php?page=hadith&LINKID=664082إن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن أكل الضب فقال لا آكله ولا أحرمه وقال nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي وهو على المنبر وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من رواية عبد العزيز بن مسلم ، nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم من رواية nindex.php?page=showalam&ids=12430إسماعيل بن جعفر nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة كلهم عن nindex.php?page=showalam&ids=16430عبد الله بن دينار لفظ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري الضب لست آكله ولا أحرمه ولفظ nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم لست بآكله ولا محرمه ولفظ nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه لا أحرم يعني الضب وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أيضا من رواية nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد nindex.php?page=showalam&ids=16524وعبيد الله بن عمر nindex.php?page=showalam&ids=12341وأيوب السختياني ومالك بن مغول nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج nindex.php?page=showalam&ids=17177وموسى بن عقبة nindex.php?page=showalam&ids=111وأسامة بن زيد كلهم عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع وفي رواية عبيد الله سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر عن أكل الضب وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة قام رجل في المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب nindex.php?page=hadith&LINKID=685113أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بضب فلم [ ص: 3 ] يأكله ولم يحرمه واتفق عليه الشيخان من رواية nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان معه ناس من أصحابه فيهم nindex.php?page=showalam&ids=37سعد وأتوا بلحم ضب فنادت امرأة من نساء النبي صلى الله عليه وسلم أنه لحم ضب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كلوا فإنه حلال ولكنه ليس من طعامي . لفظ nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في خبر الواحد ولفظه فإنه حلال أو قال لا بأس به شك فيه.
(الثانية): الضب دويبة معروفة والأنثى ضبة قال في المحكم وهو يشبه الورل وقال nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي في شرح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم هو حرذون كبير يكون في الصحراء.
(الثالثة) فيه إباحة nindex.php?page=treesubj&link=16844_16852أكل لحم الضب ؛ لأنه إذا لم يحرمه فهو حلال ؛ لأن الأصل في الأشياء الإباحة، وعدم أكله لا يدل على تحريمه فقد يكون ذلك لعيافة أو غيرها، وقد ورد التصريح بذلك في الصحيح nindex.php?page=hadith&LINKID=670503أنه عليه الصلاة والسلام قال لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه ، وقد رفع قوله عليه الصلاة والسلام كلوا فإنه حلال كل إشكال فهذا نص لا يقبل التأويل، وبهذا قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وجمهور العلماء من السلف والخلف، وكرهه nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن أصحاب الرأي وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال عن الكوفيين وحكى nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه أنه نهى عنه وحكى nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر أنه قال لا تطعموه وذهبت طائفة إلى تحريمه حكاه nindex.php?page=showalam&ids=15140المازري nindex.php?page=showalam&ids=14961والقاضي عياض وغيرهما، وقال النووي في شرح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم: أجمع المسلمون على أن الضب حلال ليس بمكروه إلا ما حكي عن أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة من كراهته وإلا ما حكاه nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض عن قوم أنهم قالوا هو حرام، وما أظنه يصح عن أحد فإن صح عن أحد فمحجوج بالنصوص وإجماع من قبله انتهى.
(قلت) الكراهة قول الحنفية بلا شك كما هو في كتبهم واختلفوا في المكروه والمروي عن nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد بن الحسن أن كل مكروه حرام إلا أنه لما لم يجد فيه نصا قاطعا لم يطلق عليه لفظ الحرام، وعن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف أنه إلى الحرام أقرب فظهر بذلك وجود الخلاف في تحريمه أيضا عند الحنفية ولهذا نقل العمراني في البيان عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة تحريمه وهو ظاهر قول nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم ولم ير nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة أكله، والخلاف عند المالكية أيضا فحكى nindex.php?page=showalam&ids=13256ابن شاس nindex.php?page=showalam&ids=12671وابن الحاجب فيه وفي كل ما قيل إنه منسوخ ثلاثة أقوال التحريم، والكراهة، والجواز.
(الرابعة) [ ص: 4 ] احتج من قال بالكراهة أو التحريم بحديث nindex.php?page=showalam&ids=15950زيد بن وهب عن عبد الرحمن ابن حسنة قال nindex.php?page=hadith&LINKID=29278كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فأصبنا ضبابا فكانت القدور تغلي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذا ؟ فقلنا أصبناها فقال إن أمة من بني إسرائيل مسخت وأنا أخشى أن تكون هذه فأكفأناها وإنا لجياع رواه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وأبو يعلى nindex.php?page=showalam&ids=13863والبزار nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي وغيرهم ورواه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود من رواية nindex.php?page=showalam&ids=15950زيد بن وهب عن ثابت بن وديعة قال nindex.php?page=hadith&LINKID=675224كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جيش فأصبنا ضبابا فشويت منها ضبا فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعته بين يديه فأخذ عودا فعد به أصابعه ثم قال: إن أمة من بني إسرائيل مسخت دواب في الأرض وإني لا أدري أي الدواب هي، فلم يأكل ولم ينه . ورواه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه وقالا ثابت بن يزيد وابن وديعة هما واحد يزيد أبوه ؛ وديعة أمه، قاله nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي وقال المزي هو ثابت بن يزيد بن وديعة قال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وكأن حديث nindex.php?page=showalam&ids=15950زيد بن وهب عن ثابت بن وديعة أصح ويحتمل عنهما جميعا انتهى. وروى nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار وغيره عن nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة مرفوعا nindex.php?page=hadith&LINKID=935295أن الضب أمة مسخت دواب في الأرض وروى nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه عن عبد الرحمن بن شبل nindex.php?page=hadith&LINKID=6333أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل لحم الضب قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي تفرد به nindex.php?page=showalam&ids=12434إسماعيل بن عياش وليس بحجة، وما مضى في إباحته أصح منه.
وروى nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وأبو يعلى nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي وغيرهم عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قالت أهدي لنا ضب فقدمته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يأكل منه فقلت يا رسول الله ألا نطعمها السؤال ؟ فقال إنا لا نطعمهم مما لا نأكل . وأجاب الجمهور عن هذه الأحاديث بما سنذكره.
أما حديث عبد الرحمن ابن حسنة فليس فيه الجزم بأنها ممسوخة وإكفاؤها إنما هو على سبيل الاحتياط والورع وقال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم هو حديث صحيح إلا أنه منسوخ ؛ لأن فيه إكفاء القدور بالضباب خوف أن يكون من بقايا مسخ الأمم السالفة وفي صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود قال قال رجل يا رسول الله القردة والخنازير مما مسخ ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله لم يهلك قوما أو يعذب قوما فيجعل لهم نسلا وإن القردة والخنازير كانت قبل ذلك ثم ذكر حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في أكل nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد للضب ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر قال وهذا هو الناسخ [ ص: 5 ] لأن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس لم يجتمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة إلا بعد الفتح وحنين والطائف ولم يغز بعدها إلا تبوك ولم تصبهم في تبوك مجاعة أصلا وصح يقينا أن خبر ابن حسنة كان قبل هذا انتهى.
وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة فقد عارضه ما هو أصح منه وهو حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود المتقدم. وأما حديث عبد الرحمن بن شبل فتقدم عن nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي تضعيفه، وكذا قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم فيه ضعفاء، ومجهولون. وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة وهو الذي اعتمده صاحب الهداية في الاستدلال لمذهبهم فقال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي :
وأما العيافة فلا تقتضي التحريم وفي عبارة القاضي أبي بكر بن العربي المالكي إشارة إلى التحريم في حق العائف فإنه قال ولكن يبقى حلالا لمن اعتاده فإن صح فسببه خشية الضرر بالقرف، وقد استشكل بعضهم قوله عليه الصلاة والسلام nindex.php?page=hadith&LINKID=670503لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه وقال إن الضب موجود بمكة ، وقد أنكر ذلك nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي وقال إن فيه تكذيب الخبر وأن الناقل لوجودها بمكة كاذب أو سميت له بغير اسمها أو حدثت بعد ذلك هذا كلامه والحق أن قوله لم يكن بأرض قومي لم يرد به الحيوان وإنما أراد أكله أي لم يشع أكله بأرض قومي.
وفي معجم nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني الكبير من حديث ميمونة مرفوعا أن أهل تهامة تعافها قال أبو العباس القرطبي : وقد جاء في غير كتاب nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أنه عليه الصلاة والسلام كرهه لرائحته فقال إني يحضرني من الله حاضرة يريد الملائكة فيكون هذا كنحو ما قال في الثوم إني أناجي من لا تناجي قال ولا بعد في تعليل كراهة الضب بمجموعها.
(الخامسة) (إن قلت) في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن nindex.php?page=showalam&ids=17354يزيد بن الأصم قال nindex.php?page=hadith&LINKID=982375دعانا عروس بالمدينة فقرب إلينا ثلاثة عشر ضبا فآكل وتارك فلقيت nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس من الغد فأخبرته فأكثر القوم حوله حتى قال بعضهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا آكله ولا أنهى عنه ولا أحرمه فقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس بئسما قلتم ما بعث نبي الله صلى الله عليه وسلم إلا محلا [ ص: 6 ] ومحرما ثم ذكر قصة nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد فكيف الجواب عن إنكار nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ما هو ثابت في هذا الحديث ؟.
(قلت) أجاب عنه nindex.php?page=showalam&ids=12815القاضي أبو بكر بن العربي بأن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ظن أن المخبر اعتقد أنه أراد بقولة لا آكله لا أحلله وهذا لا يجوز فلذلك أنكر عليه وإنما أراد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله لا آكله عيافة ولا أحرمه ولكن يبقى حلالا لمن اعتاده فأما خروجه عن قسم التحليل والتحريم فمحال، وقال والدي رحمه الله في شرح nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي إن الحديث في مصنف nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة بلفظ nindex.php?page=hadith&LINKID=102070لا آكله ولا أنهى عنه ولا أحله ولا أحرمه فسقط على nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم لفظة (لا أحله) إما على جهة السهو وإما أسقطها ؛ لكونها وهما ممن رواها. وإنما أنكر nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عليه ؛ لأجل قولة ولا أحله فإنه مخالف لإذنه فيه بقوله كلوا.