[ ص: 474 ] ذكر الوقت الذي فعل صلى الله عليه وسلم ما وصفنا من خبر  عقبة بن عامر  
 3199  - أخبرنا  أبو عروبة  قال : حدثنا محمد بن وهب بن أبي كريمة  قال : حدثنا  محمد بن سلمة  عن أبي عبد الرحيم  عن  زيد بن أبي أنيسة  عن  يزيد بن أبي حبيب  عن  أبي الخير  عن  عقبة بن عامر  ، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى أحد ، ثم انصرف وقعد على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس إني بين أيديكم فرط ، وإني عليكم لشهيد ، وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي ، ولكني قد أعطيت الليلة مفاتيح خزائن الأرض والسماء ، وأخاف عليكم أن تتنافسوا فيها ، ثم دخل فلم يخرج من بيته حتى قبضه الله جل وعلا   . 
قال  أبو حاتم  رضي الله عنه : خص المصطفى صلى الله عليه وسلم الشهداء الذين قتلوا في المعركة بترك الصلاة عليهم ، وفرق بينهم وبين سائر الموتى ، فإن سائر الموتى يغسلون ، ويصلى عليهم ، ومن قتل في المعركة من الشهداء لا يصلى عليهم ، ويدفن بدمه من غير غسل . 
فأما خبر  عقبة بن عامر  أن  [ ص: 475 ] النبي صلى الله عليه وسلم خرج فصلى على قتلى أحد ليس يضاد خبر  جابر  الذي ذكرناه ، إذ المصطفى صلى الله عليه وسلم خرج إلى أحد ، فدعا لشهداء أحد  كما كان يدعو للموتى في الصلاة عليهم ، والعرب تسمي الدعاء صلاة ، فصار خروجه صلى الله عليه وسلم إلى شهداء أحد  وزيارته إياهم ودعاؤه لهم سنة لمن بعده من أمته أن يزوروا شهداء أحد  يدعون لهم كما يدعون للميت في الصلاة عليه ، وفي خبر  زيد بن أبي أنيسة  الذي ذكرناه : ثم دخل فلم يخرج من بيته حتى قبضه الله جل وعلا ، أبين البيان بأن هذه الصلاة كانت دعاء لهم ، وزيادة قصد بها إياهم لما قرب خروجه من الدنيا صلى الله عليه وسلم ، ولو كانت الصلاة التي ذكرها  عقبة بن عامر  كالصلاة على الموتى سواء للزم من قال بهذا جواز الصلاة على القبر ولو بعد سبع سنين ، لأن أحدا كانت سنة ثلاث من الهجرة ، وخروجه صلى الله عليه وسلم حيث صلى عليهم قرب خروجه من الدنيا صلى الله عليه وسلم بعد وقعة أحد بسبع سنين ، فلما وافقنا من احتج بهذا الخبر على أن الصلاة على القبور غير جائزة بعد سبع سنين ، صح أن تلك الصلاة كانت دعاء لا الصلاة على الموتى ، سواء ضد قول من زعم أن أصحاب الحديث يروون ما لا يعقلون ، ويتكلمون بما لا يفهمون ، ويروون المتضاد من الأخبار . 
				
						
						
