[ ص: 216 ] كتاب الوحي
33 - أخبرنا ، حدثنا محمد بن الحسن بن قتيبة ، حدثنا ابن أبي السري ، أخبرنا عبد الرزاق ، عن معمر ، أخبرني الزهري ، عن عروة بن الزبير عائشة ، قالت : حراء ، [ ص: 217 ] فيتحنث فيه - وهو التعبد الليالي ذوات العدة - ويتزود لذلك ، ثم يرجع إلى خديجة ، فتزوده لمثلها ، حتى فجئه الحق وهو في غار حراء ، فجاءه الملك فيه ، فقال : اقرأ ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فقلت : ما أنا بقارئ ، قال : فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني فقال لي : اقرأ ، فقلت : ما أنا بقارئ ، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني ، فقال : اقرأ ، فقلت : ما أنا بقارئ ، فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني [ ص: 218 ] الجهد ، ثم أرسلني ، فقال : اقرأ باسم ربك الذي خلق حتى بلغ ما لم يعلم قال : فرجع بها ترجف بوادره حتى دخل على خديجة ، فقال : زملوني زملوني ، فزملوه حتى ذهب عنه الروع ، ثم قال : يا خديجة ما لي ؟ وأخبرها الخبر ، وقال : قد خشيته علي ، فقالت : كلا أبشر ، فوالله لا يخزيك الله أبدا ، إنك لتصل الرحم ، وتصدق الحديث ، وتحمل الكل ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق . ثم انطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل ، وكان أخا أبيها ، وكان امرأ تنصر في الجاهلية ، وكان يكتب الكتاب العربي ، فيكتب بالعربية من الإنجيل ما شاء أن يكتب ، وكان شيخا كبيرا قد عمي ، فقالت له خديجة : أي عم ، اسمع من ابن أخيك ، فقال ورقة : ابن أخي ، ما ترى ؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى ، فقال ورقة : هذا الناموس الذي أنزل على موسى ، يا ليتني أكون فيها جذعا ، أكون حيا حين يخرجك قومك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمخرجي هم ؟ قال : نعم ، لم يأت أحد [ ص: 219 ] قط بما جئت به إلا عودي وأوذي ، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا . ثم لم ينشب ورقة أن توفي . وفتر الوحي فترة حتى حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما بلغنا - حزنا غدا منه مرارا لكي يتردى من رؤوس شواهق الجبال ، فكلما أوفى بذروة جبل كي يلقي نفسه منها تبدى له جبريل ، فقال له : يا محمد ، إنك رسول الله حقا ، فيسكن لذلك جأشه ، وتقر نفسه ، فيرجع ، فإذا طال عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك ، فإذا أوفى بذروة الجبل تبدى له جبريل فيقول له مثل ذلك أول ما بدئ برسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة يراها في النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ، ثم حبب له الخلاء ، فكان يأتي .