[ ص: 408 ] ذكر ما يستحب للإمام إذا عزم على إمضاء أمر من الأمور ، فأشار عليه من يثق به من رعيته بضده أن يترك ما عزم عليه من إمضاء ذلك الأمر .
4543 - أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال : حدثنا أبو خيثمة قال : حدثنا عمر بن يونس الحنفي قال : حدثني عكرمة بن عمار قال : حدثني أبو كثير قال : حدثني أبو هريرة ، قال : كنا قعودا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم معنا أبو بكر وعمر رضوان الله عليهما في نفر ، فقام نبي الله صلى الله عليه وسلم بين ظهرينا ، فأبطأ علينا ، وخشينا أن يقتطع دوننا ، وفزعنا ، فكنت أول من فزع ، فخرجت أتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتيت حائطا للأنصار لبني النجار ، فدرت له هل أجد له بابا ، فإذا ربيع يدخل في جوف الحائط من خارجه - والربيع : الجدول - فاحتفزت ، فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أبو هريرة ؟ فقلت : نعم يا رسول الله ، قال : ما جاء بك ؟ قلت : قمت بين أظهرنا ، فأبطأت علينا ، فخشينا أن تقتطع دوننا وفزعنا ، [ ص: 409 ] وكنت أول من فزع ، فأتيت هذا الحائط ، فاحتفزت كما يحتفز الثعلب ، وهؤلاء الناس ورائي .
فقال : يا أبا هريرة وأعطاني نعليه ، وقال : اذهب بنعلي هاتين فمن لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه فبشره بالجنة .
فكان أول من لقيت عمر بن الخطاب رضوان الله عليه ، فقال : ما هاتان النعلان يا أبا هريرة ؟ قلت : هاتان نعلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بعثني بهما فمن لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه بشرته بالجنة ، قال : فضرب عمر رضوان الله عليه بيده بين ثديي خررت لاستي ، فقال : ارجع يا أبا هريرة ، فرجعت إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم وأجهشت بالبكاء ، وأدركني عمر على أثري ، فقال رسول الله : ما لك يا أبا هريرة ؟ قلت : لقيت عمر ، فأخبرته بالذي بعثتني به ، فضربني بين ثديي ضربة خررت لاستي ، فقال : ارجع ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا عمر ، ما حملك على ما فعلت ؟ قال : يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي ، بعثت أبا هريرة بنعليك من لقي يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه يبشره بالجنة ؟ قال : نعم ، قال : فلا تفعل ، فإني أخشى أن يتكل الناس عليها فخلهم يعملون ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فخلهم .


