[ ص: 172 ] ذكر وصف بيعة الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة بمنى
6274 - أخبرنا حدثنا عبد الله بن محمد الأزدي أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبد الرزاق عن معمر ابن خثيم عن عن أبي الزبير ، قال : جابر بمكة سبع سنين ، يتتبع [ ص: 173 ] الناس في منازلهم بعكاظ ومجنة والمواسم بمنى ، يقول : من يؤويني وينصرني حتى أبلغ رسالات ربي ؟ حتى إن الرجل ليخرج من اليمن أو من مصر فيأتيه قومه ، فيقولون : احذر غلام قريش ، لا يفتنك . ويمشي بين رحالهم وهم يشيرون إليه بالأصابع ، حتى بعثنا الله من يثرب ، فآويناه وصدقناه ، فيخرج الرجل منا ويؤمن به ويقرئه القرآن ، وينقلب إلى أهله فيسلمون بإسلامه ، حتى لم يبق دار من دور الأنصار إلا فيها رهط من المسلمين ، يظهرون الإسلام .
ثم إنا اجتمعنا ، فقلنا : حتى متى نترك النبي صلى الله عليه وسلم يطرد في جبال مكة ويخاف ؟ فرحل إليه منا سبعون رجلا ، حتى قدموا عليه في الموسم فواعدناه بيعة العقبة ، فاجتمعنا عندها من رجل ورجلين ، حتى توافينا ، فقلنا : يا رسول الله ، علام نبايعك ؟ قال : تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل ، والنفقة في العسر واليسر ، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأن يقولها لا يبالي في الله لومة لائم ، وعلى أن تنصروني ، وتمنعوني إذا قدمت عليكم مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم ، ولكم الجنة .
فقمنا إليه فبايعناه ، وأخذ بيده وهو من أصغرهم ، فقال : رويدا يا أسعد بن زرارة أهل يثرب ، فإنا لم نضرب أكباد الإبل إلا ونحن نعلم أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن إخراجه اليوم منازعة العرب كافة ، وقتل خياركم ، وأن تعضكم السيوف ، فإما أن تصبروا على ذلك وأجركم على الله ، وإما أنتم تخافون من أنفسكم جبنا ، فبينوا [ ص: 174 ] ذلك فهو أعذر لكم ، فقالوا : أمط عنا ، فوالله لا ندع هذه البيعة أبدا ، فقمنا إليه ، فبايعناه ، فأخذ علينا ، وشرط أن يعطينا على ذلك الجنة مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم .