[ ص: 184 ] ذكر ما يمنع الله جل وعلا كيد كفار قريش عن المصطفى صلى الله عليه وسلم والصديق عند خروجهما من مكة إلى المدينة
6280 - أخبرنا حدثنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا ابن أبي السري أخبرنا عبد الرزاق عن معمر ، أخبرني الزهري عبد الرحمن بن مالك المدلجي وهو ابن أخت سراقة بن مالك بن جعشم ، أن أباه أخبره أنه سمع سراقة ، يقول : قريش يجعلون في [ ص: 185 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم ، دية كل واحد منهما لمن قتلهما أو أسرهما . قال : فبينما أنا جالس في مجلس من مجالس قومي وأبي بكر بني مدلج أقبل رجل منها حتى قام علينا ، فقال : يا سراقة ، إني رأيت آنفا أسودة بالساحل لا أراها إلا محمدا وأصحابه . قال سراقة : فعرفت أنهم هم ، فقلت : إنهم ليسوا بهم ، ولكنك رأيت فلانا وفلانا ، انطلقوا بنا ، ثم لبثت في المجلس ساعة ، ثم قمت فدخلت بيتي فأمرت جاريتي أن تخرج لي فرسي وهي من وراء أكمة فتحبسها علي ، وأخذت رمحي ، فخرجت به من ظهر البيت ، فخططت به الأرض فأخفضت عالية الرمح حتى أتيت فرسي فركبتها ورفعتها تقرب بي حتى إذا رأيت أسودتهم ، فلما دنوت من حيث يسمعهم الصوت عثر بي فرسي ، فخررت عنها ، فأهويت بيدي إلى كنانتي ، فاستخرجت الأزلام ، فاستقسمت بها ، فخرج [ ص: 186 ] الذي أكره ، فعصيت الأزلام ، وركبت فرسي ، ورفعتها تقرب بي حتى إذا سمعت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت يكثر الالتفات ساخت يدا فرسي في الأرض ، حتى بلغتا الركبتين ، فخررت عنها ، فزجرتها فنهضت ولم تكد تخرج يديها ، فلما استوت قائمة ، إذا عثان ساطع في السماء وأبو بكر جاءتنا رسل كفار .
قال : قلت معمر : ما العثان ؟ فسكت ساعة ، ثم قال : هو الدخان من غير نار . لأبي عمرو بن العلاء
قال : قال معمر في حديثه : فاستقسمت بالأزلام فخرج الذي أكره أن لا أضرهم ، فناديتهما بالأمان ، فوقفا ، فركبت فرسي ، حتى جئتهم ، ووقع في نفسي ، حتى لقيت من الحبس عنهم أنه سيظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : إن قومك قد جعلوا فيك الدية ، وأخبرتهم من أخبار أسفارهم وما يريد الناس بهم ، وعرضت عليهم الزاد والمتاع ، فلم يرزؤوني ، ولم يسألوني ، إلا أن قالوا : أخف عنا ، فسألته أن يكتب لي كتاب موادعة ، فأمر به [ ص: 187 ] الزهري عامر بن فهيرة ، فكتب لي في رقعة من أدم بيضاء .