[ ص: 587 ] ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم أراد في اليوم الذي توفي فيه الخروج إلى أمته
6620 - أخبرنا حدثنا أبو يعلى أحمد بن جميل المروزي حدثنا أخبرنا ابن المبارك ، معمر عن ويونس ، قال : وأخبرني الزهري : أنس بن مالك يصلي بهم ، لم يفجأهم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كشف ستر حجرة وأبو بكر عائشة ، فنظر إليهم وهم صفوف في صلاتهم ، ثم تبسم فضحك ، فنكص على عقبه ليصل الصف ، وظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يخرج إلى الصلاة . قال أبو بكر : وهم المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم فرحا برسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأوه ، فأشار إليهم [ ص: 588 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اقضوا صلاتكم ، ثم دخل الحجرة ، وأرخى الستر بينه وبينهم ، وتوفي صلى الله عليه وسلم ذلك اليوم . أنس
قال : وأخبرني الزهري : أنه لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قام أنس بن مالك في الناس خطيبا ، فقال : لا أسمعن أحدا يقول : إن عمر بن الخطاب محمدا صلى الله عليه وسلم قد مات ، إن محمدا صلى الله عليه وسلم لم يمت ، ولكن أرسل إليه ربه كما أرسل إلى موسى ، فلبث عن قومه أربعين ليلة .
قال : وأخبرني الزهري ، أن سعيد بن المسيب قال في خطبته : إني لأرجو أن يقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم أيدي رجال وأرجلهم يزعمون أنه مات . عمر بن الخطاب
قال : أخبرني الزهري ، أن أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته : أن أقبل على فرس من مسكنه أبا بكر بالسنح حتى نزل ، فدخل المسجد ، فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة ، فتيمم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسجى ببردة حبرة ، فكشف عن وجهه ، فأكب عليه فقبله وبكى ، ثم قال : بأبي أنت ، والله لا يجمع الله عليك موتتين أبدا ، أما الموتة التي كتبت عليك فقد متها .
قال : قال الزهري : أخبرني أبو سلمة : أن ابن عباس خرج أبا بكر يكلم الناس ، فقال : اجلس ، فأبى وعمر أن يجلس ، فقال : اجلس ، فأبى أن يجلس ، فتشهد عمر ، فمال الناس إليه ، [ ص: 589 ] وتركوا أبو بكر ، فقال : أيها الناس من كان منكم يعبد عمر محمدا ، فإن محمدا صلى الله عليه وسلم قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت . قال الله تبارك وتعالى : وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين قال : والله لكأن الناس لم يكونوا يعلموا أن الله جل وعلا أنزل هذه الآية إلا حين تلاها ، فتلقاها منه الناس كلهم ، فلم تسمع بشرا إلا يتلوها . أبو بكر
قال : وأخبرني الزهري ، أن سعيد بن المسيب قال : والله ما هو إلا أن سمعت عمر بن الخطاب تلاها عقرت حتى ما تقلني رجلاي ، وأهويت إلى الأرض ، وعرفت حين سمعته تلاها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات . أبا بكر
قال : وأخبرني الزهري ، أنه سمع أنس بن مالك من الغد حين بويع عمر بن الخطاب في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستوى أبو بكر على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم قام أبو بكر ، فتشهد قبل عمر ، ثم قال : أما بعد ، فإني قد قلت لكم أمس مقالة لم تكن ، كما قلت ، وإني والله ما وجدتها في كتاب أنزله الله ، ولا في عهد [ ص: 590 ] عهده إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكني كنت أرجو أن يعيش رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يدبرنا - يقول حتى يكون آخرنا - فاختار الله جل وعلا لرسوله صلى الله عليه وسلم الذي عنده على الذي عندكم ، وهذا كتاب الله هدى الله به رسوله صلى الله عليه وسلم ، فخذوا به تهتدوا بما هدى الله به رسوله صلى الله عليه وسلم . أبي بكر أن المسلمين بينا هم في صلاة الفجر يوم الاثنين