الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
2327 [ 1173 ] وعن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=659335nindex.php?page=treesubj&link=3679_3738_33055كنا نتمتع مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالعمرة ، ونذبح البقرة عن سبعة ، نشترك فيها.
رواه مسلم ( 1318) (355)، وأبو داود (2807)، والترمذي (904)، والنسائي ( 7 \ 222).
وقول nindex.php?page=showalam&ids=36جابر : nindex.php?page=hadith&LINKID=659333 (اشتركنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحج والعمرة كل سبعة في بدنة) : مع : هذه متعلقة بمحذوف ، تقديره : كائنين مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولا يصح أن يكون متعلقا به (اشتركنا) ; لأنه كان يلزم منه أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - واحدا من سبعة [ ص: 418 ] يشتركون في بدنة ، وأنهم شاركوه في هديه . والنقل الصحيح بخلاف ذلك ; كما تقدم في حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر وغيره ، وإنما أمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يجتمع السبعة في الهدية من بدنهم . وأحاديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر مصرحة : بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرهم بذلك في الحديبية ، وفي حجة الوداع . وبهذه الأحاديث تمسك الجمهور من السلف وغيرهم على جواز nindex.php?page=treesubj&link=33055الاشتراك في الهدي . وممن قال بهذا nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس ، nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء بن أبي رباح ، nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري ، nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ، وسالم ، nindex.php?page=showalam&ids=16705وعمرو بن دينار ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ، وإسحاق ، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ، وأصحاب الرأي ، حكاه nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر . قال : وقد روينا عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أنه قال : البدنة عن سبعة ، وإن تمتعوا . وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ، nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ، nindex.php?page=showalam&ids=16705وعمرو بن دينار ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي . قال : وقد روينا عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب : أنه قال : تجزئ الجزور عن عشرة . وبه قال إسحاق .
قلت : وظاهر ما حكاه nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : أنهم اشتركوا في الثمن ، وأنهم سووا في ذلك بين الهدي الواجب والتطوع ، من غير تقييد ، ولا تفصيل. قد فصل غيره الخلاف فقال : إن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي يجيزه في الواجب ، وإن كان بعضهم يريد اللحم ، وبعضهم يريد الفدية. nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة يجيزه إذا أراد جميعهم الفدية ; حكاه الإمام أبو عبد الله ، وقال : عندنا في التطوع قولان . قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : لا يشترك في شيء من الهدي ، ولا من البدن ، ولا النسك في الفدية ، ولا في شيء مما ذكرناه.
قلت : وكأن هذا الذي صار إليه nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك مستنده قول الله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فما استيسر من الهدي [البقرة: 196] وأقل ما يطلق عليه اسم الهدي شاة ، ولم يقل فيه أحد هو جزء مسمى من اللحم . وقوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196ففدية من صيام أو صدقة أو نسك [البقرة: 196] [ ص: 419 ] وقد فسر النبي - صلى الله عليه وسلم - النسك بشاة في حديث nindex.php?page=showalam&ids=167كعب بن عجرة ، فكان ذلك أقل ما ينطلق عليه الاسم ، فكأن هو المتعين ، ولأنهم قد اتفقوا : على أنه لا يجوز في الهدايا المريض البين المرض ، ولا المعيب بنقص عضو. وإذا كان كذلك مع صدق الاسم عليه فأحرى وأولى ألا يجوز جزء من اللحم . واعتذر عن حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر : بأن ذلك كان في التطوع . وهو مستند أحد القولين المتقدمين ، وليس بالمشهور عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك . وبأن تلك الأحاديث ليس فيها تصريح بالاشتراك في الثمن ، فلعله قصد التشريك في الثواب ، أو التشريك في قسمة الجزور ، حتى تقسم البدنة أو الجزور سبع قسم بين سبعة نفر . والله أعلم .
وقد أشار إلى هذا nindex.php?page=showalam&ids=36جابر فقال : أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أحللنا أن نهدي ، ويجتمع النفر منا في الهدية ، فإنه مشعر بأن التشريك إنما وقع بعد انفراد المهدي بالهدي ، فتأمله .
وهذا الخلاف إنما هو في الإبل والبقر . وأما الغنم : فلا يجوز الاشتراك فيها اتفاقا . وقد قدمنا أن اسم البدنة مأخوذ من البدانة . وهي عظم الجسم . وأن الجزور من الجزر ، وهو : القطع . وأن الجزور من الإبل ، والجزرة من الغنم . وقد فرق في حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بين البدن والجزور ; لأنه أراد بالبدنة ما ابتدئ هديه عند الإحرام . وبالجزور ما اشتري بعد ذلك للنحر . فكأنه ظهر للسائل : أن شأن هذه ، أخف في أمر الاشتراك مما أهدي من البدن . فأجابه بما معناه : أن الجزور لما اشتريت للنسك صار حكمها حكم البدن .
قلت : وقد سمعت من بعض مشايخنا : أن البدنة في هذا الحديث من الإبل .
[ ص: 420 ] والجزور فيه من البقر . وكأن السائل سأله عن البقرة ; هل يشترك فيها سبعة ; كما يشترك في البدنة ؟ فقال : هي منها في الحكم المسؤول عنه . وكأن هذا السائل لم يسمع في هذا ذكر البقر ، فسأل عنها ، والله أعلم.
ابن عمرو بن حرام بن ثعلبة بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة ، الإمام الكبير ، المجتهد الحافظ ، صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبو عبد الله ، وأبو عبد الرحمن ، الأنصاري الخزرجي السلمي المدني الفقيه .
من أهل بيعة الرضوان ، وكان آخر من شهد ليلة العقبة الثانية موتا .
روى علما كثيرا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن عمر ، وعلي ، وأبي بكر ، وأبي عبيدة ، ومعاذ بن جبل ، والزبير ، وطائفة .
حدث عنه : ابن المسيب ، وعطاء بن أبي رباح ، وسالم بن أبي الجعد ، والحسن البصري ، والحسن بن محمد ابن الحنفية ، وأبو جعفر الباقر ، ومحمد بن المنكدر ، وسعيد بن ميناء ، وأبو الزبير ، وأبو سفيان [ ص: 190 ] طلحة بن نافع ، ومجاهد ، والشعبي ، وسنان بن أبي سنان الديلي ، وأبو المتوكل الناجي ، ومحمد بن عباد بن جعفر ، ومعاذ بن رفاعة ، ورجاء بن حيوة ، ومحارب بن دثار ، وسليمان بن عتيق ، وشرحبيل بن سعد ، وطاوس ، وعاصم بن عمر بن قتادة ، وعبيد الله بن مقسم ، وعبد الله بن محمد بن عقيل ، وعمرو بن دينار ، ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ، وأبو بكر المدني ، وطلحة بن خراش ، وعثمان بن سراقة ، وعبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار ، وعبد الله بن أبي قتادة ، وخلق . وكان مفتي المدينة في زمانه . عاش بعد ابن عمر أعواما وتفرد . شهد ليلة العقبة مع والده . وكان والده من النقباء البدريين ، استشهد يوم أحد وأحياه الله - تعالى - وكلمه كفاحا وقد انكشف عنه قبره إذ أجرى معاوية عينا عند قبور شهداء أحد ، فبادر جابر إلى أبيه بعد دهر ، فوجده طريا لم يبل . وكان جابر قد أطاع أباه يوم أحد وقعد لأجل أخواته ، ثم شهد الخندق وبيعة الشجرة . وشاخ وذهب بصره ، وقارب التسعين .
روى حماد بن سلمة ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، قال : استغفر لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة البعير خمسا وعشرين مرة . وقد ورد أنه شهد بدرا . [ ص: 191 ] قال محمد بن عبيد : حدثنا الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر قال : كنت أمتح لأصحابي يوم بدر .
قال ابن عيينة : لقي عطاء وعمرو جابر بن عبد الله سنة جاور بمكة .
وقيل : إنه عاش أربعا وتسعين سنة ، فعلى هذا ، كان عمره يوم بدر ثماني عشرة سنة . الواقدي : أخبرنا إبراهيم بن جعفر ، عن أبيه ، عن جابر ، قال : غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ست عشرة غزوة ، لم أقدر أن أغزو حتى قتل أبي بأحد ، كان يخلفني على أخواتي ، وكن تسعا ، فكان أول ما غزوت معه حمراء الأسد .
وروى ابن عجلان ، عن عبيد الله بن مقسم ، قال : رحل جابر بن عبد الله في آخر عمره إلى مكة في أحاديث سمعها ، ثم انصرف إلى المدينة .
ويروى ; أن جابرا رحل في حديث القصاص إلى مصر ليسمعه من [ ص: 192 ] عبد الله بن أنيس . سليمان بن داود المنقري : أخبرنا محمد بن عمر ، حدثني خارجة بن الحارث قال : مات جابر بن عبد الله سنة ثمان وسبعين وهو ابن أربع وتسعين سنة . وكان قد ذهب بصره ، ورأيت على سريره بردا ، وصلى عليه أبان بن عثمان وهو والي المدينة .
وروي عن جابر ، قال : كنت في جيش خالد في حصار دمشق .
قال ابن سعد : شهد جابر العقبة مع السبعين ، وكان أصغرهم .
وقال جابر : قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية : أنتم اليوم خير أهل الأرض ، وكنا ألفا وأربعمائة .
وقال جابر : عادني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا لا أعقل ، فتوضأ وصب علي من [ ص: 193 ] وضوئه فعقلت .
وقال زيد بن أسلم : كف بصر جابر .
وروى الواقدي عن أبي بن عباس ، عن أبيه ، قال : كنا بمنى ، فجعلنا نخبر جابرا بما نرى من إظهار قطف الخز والوشي ، يعني السلطان وما يصنعون ، فقال : ليت سمعي قد ذهب ، كما ذهب بصري ، حتى لا أسمع من حديثهم شيئا ولا أبصره .
ويروى أن جابرا دخل على عبد الملك بن مروان لما حج ، فرحب به ، فكلمه في أهل المدينة أن يصل أرحامهم ، فلما خرج أمر له بخمسة آلاف درهم ، فقبلها . وعن أبي الحويرث ، قال : هلك جابر بن عبد الله ، فحضرنا في بني سلمة ، فلما خرج سريره من حجرته ، إذا حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب بين عمودي السرير ، فأمر به الحجاج أن يخرج من بين العمودين ، فيأبى عليهم ، فسأله بنو جابر إلا خرج ، فخرج ، وجاء الحجاج حتى وقف بين العمودين ، حتى وضع فصلى عليه ، ثم جاء إلى القبر ، فإذا حسن بن حسن قد نزل في القبر ، فأمر به الحجاج أن يخرج ، فأبى فسأله بنو جابر بالله ، فخرج ، فاقتحم الحجاج الحفرة حتى فرغ منه .
هذا حديث غريب ، رواه محمد بن عباد المكي ، عن حنظلة بن عمرو الأنصاري ، عن أبي الحويرث .
وفي وقت وفاة جابر كان الحجاج على إمرة العراق ، فيمكن أن يكون [ ص: 194 ] قد وفد حاجا أو زائرا .
وكان آخر من شهد العقبة موتا ، رضي الله عنه .
قال الواقدي ويحيى بن بكير وطائفة : مات سنة ثمان وسبعين .
وقال أبو نعيم : سنة سبع وسبعين .
قيل : إنه عاش أربعا وتسعين سنة . وأضر بأخرة .
مسنده بلغ ألفا وخمسمائة وأربعين حديثا ، اتفق له الشيخان على ثمانية وخمسين حديثا ، وانفرد له البخاري بستة وعشرين حديثا ، ومسلم بمائة وستة وعشرين حديثا . التبوذكي : حدثنا محمد بن دينار ، عن سعيد بن يزيد ، عن أبي نضرة ، قال : كان جابر بن عبد الله عريفا ، عرفه عمر . يعلى بن عبيد : حدثنا أبو بكر المدني قال : كان جابر لا يبلغ إزاره كعبه ، وعليه عمامة بيضاء ، رأيته قد أرسلها من ورائه .
وقال عاصم بن عمر : أتانا جابر وعليه ملاءتان - وقد عمي - مصفرا لحيته ورأسه بالورس ، وفي يده قدح . الواقدي : أخبرنا سلمة بن وردان : رأيت جابرا أبيض الرأس واللحية - رضي الله عنه .