الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
3584 [ 1838 ] وعن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر، nindex.php?page=hadith&LINKID=660592nindex.php?page=treesubj&link=30848_33216نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل الحمار الأهلي يوم خيبر، وكان الناس احتاجوا إليها.
[ ص: 224 ] و(قوله: حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=treesubj&link=30848_33216لحوم الحمر الأهلية ) وفي الروايات الأخر: (نهى)، والأولى نص في تحريمها، وهي مفسرة للنهي الوارد في الروايات الأخر، وبالتحريم للحمر الأهلية قال جمهور العلماء - سلفا وخلفا - وفي مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك قول بالكراهة المغلظة، والصحيح الأول; لما تقدم.
لا يقال: كيف يجزم بتحريم أكلها مع اختلاف الصحابة في تعليل النهي الوارد فيها على أقوال؟ فمنهم من قال: نهى عنها لأنها لم تخمس، ومنهم من قال: لأنها كانت حمولتهم، ومنهم من قال: لأنها كانت تأكل الجلة، كما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود ومنهم من قال: لأنها رجس، وهذه كلها ثابتة بطرق صحيحة، وهي متقابلة، فلا تقوم بواحد منها حجة، فكيف يجزم بالتحريم؟ وإذا لم يجزم بالتحريم فأقل درجات النهي أن يحمل على الكراهة; لأنا نجيب عن ذلك: بأن الصحابي قد نص على ذلك التحريم كما ذكرناه آنفا، وبأن أولى العلل ما صرح به منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: ( nindex.php?page=hadith&LINKID=660601إن الله ورسوله ينهيانكم عنها، فإنها رجس من عمل الشيطان ) والرجس: النجس، فلحومها نجسة; لأنها هي التي عاد عليها ضمير (إنها رجس) وهي التي أمر بإراقتها من القدور، وغسلها منها، وهذا حكم النجاسة، فظهر أن هذه العلة أولى من كل ما قيل فيها.
وأما التعليل الذي ذكره nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود من حديث غالب بن أبجر ، وهو الذي قال فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ( nindex.php?page=hadith&LINKID=675238إنما حرمتها عليكم من أجل جوال القرية ) فحديث لا يصح; لأنه يرويه عن عبد الله بن عمرو بن لويم ، وهو مجهول، وقد رواه رجل يقال له: nindex.php?page=showalam&ids=16339عبد الرحمن بن بشر، وهو أيضا مجهول على ما ذكره أبو محمد عبد الحق .
وأما [ ص: 225 ] ما عدا ذلك من العلل التي ذكرناها فمتوهمة مقدرة، لا يشهد لها دليل، فصح ما قلناه، والحمد لله.
ثم نقول: لا بعد في تعليل تحريمها بعلل مختلفة، كل واحدة منها مستقلة بإفادة التحريم، وهو الصحيح من أحد القولين للأصوليين. وأما تعليل من عللها بعدم التخميس فغير صحيح; لأنه: يجوز أكل الطعام والعلوفة قبل التخميس اتفاقا، لا سيما في حال المجاعة والحاجة.
وقد تقدم القول في الإنسية، وأنها تقال بفتح الهمزة والنون [وهي الأشهر عند المحققين من أهل التقييد. ويقال أيضا: بكسر الهمزة وسكون النون]. وكلاهما منسوب إلى الإنس.