( باب ، السنة لغة الطريقة ) ومنه قوله صلى الله عليه وسلم { من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها   } - إلى آخره " وتسمى بها أيضا : العادة والسيرة . قال في البدر المنير : السنة السيرة . حميدة كانت أو ذميمة . وقال في القاموس : السنة السيرة . ومن الله تعالى حكمه وأمره ونهيه . انتهى ( و ) السنة شرعا  و ( اصطلاحا ) أي في اصطلاح  [ ص: 211 ] أهل الشرع ، تطلق تارة على ما يقابل القرآن . ومنه حديث  مسلم    { يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى . فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة   } وتطلق تارة على ما يقابل الفرض وغيره من الأحكام الخمسة . وربما لا يراد بها إلا ما يقابل الفرض . كفروض الوضوء والصلاة والصوم وسننها . فإنه لا يقابل بها الحرام ، ولا المكروه فيها ، وإن كانت المقابلة لازمة للإطلاق ، لكنها لم تقصد . وتطلق تارة على ما يقابل البدعة . فيقال : أهل السنة  وأهل البدعة . واحترز بقوله " اصطلاحا " من السنة في العرف الشرعي العام . فإنها تطلق على ما هو أعم من المنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة والتابعين ; لأنها في اصطلاح علماء الأصول ( قول النبي صلى الله عليه وسلم غير الوحي ) أي غير القرآن ( ولو ) كان أمرا منه ( بكتابة ) { كأمره صلى الله عليه وسلم  عليا  رضي الله عنه بالكتابة يوم الحديبية    } . وقوله صلى الله عليه وسلم { اكتبوا لأبي شاه    } يعني الخطبة التي خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره بالكتابة إلى الملوك ونحو ذلك ( وفعله ) صلى الله عليه وسلم . واعلم أن القول وإن كان فعلا فهو عمل بجارحة اللسان . والغالب استعماله فيما يقابل الفعل كما هنا ، حتى ( ولو ) كان الفعل ( بإشارة ) على الصحيح ; لأنه كالأمر به ، كما في حديث  كعب بن مالك    : { لما تقاضى ابن أبي حدرد  دينا له عليه في مسجد النبي  صلى الله عليه وسلم وارتفعت أصواتهما ، حتى سمعها النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو في بيته . فخرج إليهما ، حتى كشف حجرته فنادى فقال يا كعب    . قال : لبيك يا رسول الله - فأشار إليه بيده - أن ضع الشطر من دينك . فقال كعب    : قد فعلت يا رسول الله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قم فاقضه   } رواه  البخاري   ومسلم    . واسم ابن أبي حدرد    :  عبد الله  ، واسم أبيه سلامة بن عمير  ، ومنه { إشارة النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر   أن يتقدم في الصلاة   } . متفق عليه . { وطاف النبي صلى الله عليه وسلم [ بالبيت ] على بعير ، كلما أتى على ركن أشار إليه   } . ومن الفعل أيضا : عمل القلب والترك . فإنه كف النفس . وقد سبق أنه  [ ص: 212 ] لا تكليف إلا بفعل . فإذا نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أراد فعل شيء كان من السنة الفعلية ، كما في حديث  عائشة  رضي الله عنها { أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن ينحي مخاط  أسامة    . قالت  عائشة    : دعني يا رسول الله حتى أكون أنا الذي أفعل . قال : يا  عائشة  ، أحبيه فإني أحبه   } رواه الترمذي  في المناقب . وحديث  أنس    { أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يكتب إلى رهط - أو أناس - من العجم    . فقيل : إنهم لا يقبلون كتابا إلا بخاتم . فاتخذ خاتما من فضة   } رواه  البخاري   ومسلم    . ومثله حديث  جابر    { أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينهى أن يسمى بيعلى ، أو ببركة ، أو أفلح ، أو يسار أو نافع ونحو ذلك ، ثم رأيته سكت بعد عنه ، فلم يقل شيئا ، ثم قبض ولم ينه عن ذلك   } رواه  مسلم    . وإذا نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ترك كذا . كان أيضا من السنة الفعلية ، كما ورد { أنه صلى الله عليه وسلم لما قدم إليه الضب فأمسك عنه وترك أكله : أمسك الصحابة رضي الله عنهم وتركوه ، حتى بين لهم أنه حلال ، ولكنه يعافه   } ، ولكن هذا النوع مقيد بتصريح الراوي بأنه ترك ، أو قيام القرائن عند الراوي الذي يروي عنه أنه ترك . والمراد من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله : ما لم يكن على وجه الإعجاز ( وإقراره ) يعني أن السنة شرعا واصطلاحا : قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله وإقراره على الشيء يقال أو يفعل ، فإذا سمع النبي صلى الله عليه وسلم إنسانا يقول شيئا ، أو رآه يفعل شيئا . فأقره عليه ، فهو من السنة قطعا . وسيأتي تفصيل ذلك ( وزيد الهم ) أي وزاد الشافعية على ما ذكر من أقسام السنة : ما هم النبي صلى الله عليه وسلم بفعله ولم يفعله    ; لأنه صلى الله عليه وسلم لا يهم إلا بحق محبوب مطلوب شرعا ; لأنه مبعوث لبيان الشرعيات . ومنه : همه صلى الله عليه وسلم بمعاقبة المتخلفين عن الجماعة 
				
						
						
