( وكذا القياس ) أي وكالإجماع القياس في كونه لا ينسخ ولا ينسخ قال ابن مفلح : أما القياس فلا ينسخ . وذكره وذكره القاضي الآمدي عن أصحابنا لبقائه ببقاء أصله قال ابن قاضي الجبل : منعه بعض أصحابنا وعبد الجبار في قول ، محتجين بأن القياس إذا كان مستنبطا من أصل فالقياس باق ببقاء أصله فلا يتصور رفع حكمه مع بقاء أصله . وهو اختيار وغيره . ومنهم من جوز ذلك في القياس الموجود زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، دون ما بعده وهو اختيار ابن الحاجب أبي الخطاب وابن عقيل وأبي الحسين وابن برهان وابن الخطيب قال : ما ثبت قياسا . فإما في زمن النبي صلى الله عليه وسلم بنصه على العلة ، أو تنبيهه عليها فيجوز نسخه بنصه أيضا . أبو الخطاب
مثاله : أن ينص على تحريم الربا في البر ، وينص على أن علة تحريمه الكيل ، ثم ينص بعد ذلك على إباحته في الأرز ، ويمنع من قياسه على البر فيكون ذلك نسخا ، وإما قياس مستفاد بعد وفاته عليه الصلاة والسلام : فلا يصح نسخه ; لأنه لا يجوز أن يتجدد بعد وفاته نص من كتاب أو سنة . انتهى .
وأما كون به : فهو الذي عليه أصحابنا والجمهور قاله القياس لا ينسخ ابن مفلح . واختاره . ونقله عن الفقهاء والأصوليين قال : لأن القياس يستعمل مع عدم النص فلا ينسخ النص ; ولأنه دليل محتمل ، والنسخ إنما يكون بغير محتمل . وأيضا فشرط صحة القياس : أن لا يخالف الأصول ، فإن خالف فسد قال : بل ولا ينسخ قياسا آخر ; لأن التعارض إن كان بين أصلي القياسين فهو نص بنص ، وإن كان بين العلتين ، فهو من باب المعارضة في الأصل والفرع ، لا من باب القياس ، قال الباقلاني ابن مفلح : وجه هذا القول : أن المنسوخ إن كان قطعيا لم ينسخ بمظنون ، وإن كان ظنيا فالعمل به مقيد برجحانه على معارضه ، وتبين بالقياس زوال العمل به ، وهو رجحانه فلا ثبوت له .
والقول الثاني : إن كانت علته منصوصة جاز النسخ به ، وإلا فلا قال الباجي : هذا هو الحق والقول الثالث ، قاله الآمدي : إن كانت منصوصة جاز ، وإلا بأن [ ص: 476 ] كان القياس قطعيا ، كقياس الأمة على العبد في السراية ، لكن لا من باب النسخ ، أو كان ظنيا فإن علته مستنبطة فلا وفي المسألة ستة أقوال غير ما ذكرنا أضربنا عنها خشية الإطالة .