الفصل الثاني في وصف السبب بالصحة والبطلان والفساد 
وصف السبب بالصحة والبطلان والفساد    . 
اعلم أن هذا يطلق في العبادات تارة وفي العقود أخرى ، وإطلاقه في العبادات مختلف فيه ، فالصحيح عند المتكلمين  عبارة عما وافق الشرع وجب القضاء أو لم يجب ، وعند الفقهاء عبارة عما أجزأ وأسقط القضاء . حتى إن صلاة من ظن أنه متطهر صحيحة في اصطلاح المتكلمين    ; لأنه وافق الأمر المتوجه عليه في الحال ، وأما القضاء فوجوبه بأمر مجدد فلا يشتق منه اسم الصحة . 
وهذه الصلاة فاسدة عند الفقهاء ; لأنها غير مجزئة ، وكذلك من قطع صلاته بإنقاذ  [ ص: 76 ] غريق  فصلاته صحيحة عند المتكلم فاسدة عند الفقيه وهذه الاصطلاحات وإن اختلفت فلا مشاحة فيها ، إذ المعنى متفق عليه . 
وأما إذا أطلق في العقود فكل سبب منصوب لحكم إذا أفاد حكمه المقصود منه يقال إنه صح ، وإن تخلف عنه مقصوده يقال إنه بطل . فالباطل هو الذي لا يثمر ; لأن السبب مطلوب لثمرته ، والصحيح هو الذي أثمر ، والفاسد مرادف للباطل في اصطلاح أصحاب  الشافعي  رضي الله عنه . 
فالعقد إما صحيح وإما باطل وكل باطل فاسد  وأبو حنيفة  أثبت قسما آخر في العقود بين البطلان والصحة وجعل الفاسد عبارة عنه وزعم أن الفاسد منعقد لإفادة الحكم ; لكن المعنى بفساده أنه غير مشروع بوصفه ، والمعنى بانعقاده أنه مشروع بأصله ، كعقد الربا فإنه مشروع من حيث إنه بيع وممنوع من حيث إنه يشتمل على زيادة في العوض ، فاقتضى هذا درجة بين الممنوع بأصله ووصفه جميعا بين المشروع بأصله ووصفه جميعا ، فلو صح له هذا القسم لم يناقش في التعبير عنه بالفاسد ولكنه ينازع فيه إذ كل ممنوع بوصفه فهو ممنوع بأصله كما سبق ذكره . 
				
						
						
