مسألة [ القياس في نظر الأصوليين ]
حاصل يرجع إلى الاستدلال بحكم شيء على آخر من غير أن يكون أحدهما أعم من الآخر ، ويسميه قوم " التمثيل " . وأما في اصطلاح المنطقيين : فهو الاستدلال بحكم العام على حكم الخاص ، ويرجع إلى المقدمات والنتائج . قال القياس في نظر الأصوليين الإبياري : وهو أبعد عن المدلول [ ص: 12 ] اللغوي ، لأن قولهم : " كل نبيذ مسكر ، وكل مسكر حرام " ينتج : " كل نبيذ حرام " ليس فيه اعتبار بحال وإنما النبيذ أحد الصور المندرجة تحت العموم . قلت : بل هو قريب من المدلول اللغوي بمعنى التسوية ، لأنه تسوية حكم الخاص بحكم العام ، وذكر إمام الحرمين أن لفظ القياس قد يتجوز بإطلاقه في النظر المحض من غير تقدير فرع وأصل فيقول المفكر : قست الشيء إذا تفكر فيه . ونازعه الإبياري . ولا معنى لنزاعه ، لوجود المعنى اللغوي فيه وهو الاعتبار .
وقال الغزالي في أساس القياس : وأما نحو " كل مسكر خمر ، وكل خمر حرام " أنتج " كل مسكر حرام " هذا لا تسميه الفقهاء والأصوليون قياسا ، وإنما يسميه ذلك المنطقيون ، وهو ظلم منهم على الاسم وخطأ على الوضع ، فإن القياس في وضع اللسان يستدعي مقيسا ومقيسا عليه ، لأنه حمل فرع على أصل بعلة جامعة ، وإطلاقه على غير هذا خطأ .