مسألة إنما يستعمل القياس إذا عدم النص
وقد قال في آخر " الرسالة " : القياس موضع ضرورة ، لأنه لا يحل القياس والخبر موجود ، كما يكون التيمم طهارة عند الإعواز من الماء ، ولا يكون طهارة إذا وجد الماء انتهى . وأطلق الشافعي الأستاذ أبو إسحاق أن المسألة إذا لم يكن فيها نص ولا إجماع وجب القياس فيها وإلا جاز . وهل يعمل به قبل البحث عن المنصوص وجميع دلالتها ؟ للمسألة أحوال :
أحدها : أن يريد العمل به قبل طلب الحكم من النصوص المعروفة ، فيمتنع قطعا . [ ص: 46 ]
الثانية : قبل طلب نصوص لا يعرفها مع رجاء الوجود أو طلبها فطريقه يقتضي جوازه ، ومذهب ومذهب الشافعي وفقهاء الحديث : لا يجوز ، ولهذا جعلوا القياس ضرورات بمنزلة التيمم ، لا يعدل إليه إلا إذا غلب على ظنه عدم الماء وهو معنى قول أحمد : وما تصنع بالقياس وفي الحديث ما يغنيك عنه ؟ ، ولها شبه بجواز الاجتهاد بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن وجود النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة النص يحتمل الجواز إذا خاف الفوت على حكم الحادثة . أحمد
الثالثة : أنه ييأس من النص ويغلب على ظنه عدمه ، فهاهنا يجوز قطعا ، وقد سبق قبل هذه المسألة في العمل بالعام قبل البحث عن المخصص والناسخ ، وأنه إذا اجتهد ولم يجد المعارض عمل به ، ويزيد هنا أنه هل له أن يقيس عليه ؟ قال القاضي عبد الجبار : لا لأنه لا يقطع بثبوته ، وخالف أبو الحسين في " المعتمد " وهو الأظهر ، كما يجب أن يقضي بظاهره وهو فرع غريب .