الثالث : لو : ظفرنا في الوصف بمناسبة تعين لحاظها ، وجاز للناظر الزيادة عليها ، والنقص
فالأول : كقوله صلى الله عليه وسلم : { } فإنه فهم أن المنع لعلة تشويش الفكر فألحق به الجوع والعطش وغيرهما من المعاني الموجبة لاختلاف الفكر . لا يقضي القاضي وهو غضبان
والثاني : كالنهي عن بيع ما لم يقبض ، فإنه إضافة المنع إلى عدم القبض ليست لصورته . واضطرب أصحابنا في معناه ، فقيل : لتوالي الضمانين ، فيخرج منه البيع من البائع . وقيل : لضعف الملك فلا يخرج ، لكن يخرج منه الاستبدال عن بدل الثلاثمائة بمائة جائز وإن كان قبل القبض . وقال : هو لتضمنه غررا من حيث يتوقع انقلاب الملك إلى البائع الأول بالتلف قبل القبض تبين بالآخرة أن البائع الثاني باع ملك الغير فيكون غررا ، فيخرج منه بيع العقار فإن تلفه غير متصور على ما عرف من أصولهم . أبو حنيفة
وأيضا كقوله عليه السلام : { } فإنه ينبه على [ ص: 261 ] كون الدباغ يطهر الجلد مطلقا . وخرج به عندنا جلد الكلب ، وكان المعنى منه أنا وجدنا المناسبة خاصة بجلد ما كان طاهرا قبل الممات ، لأن تأثير الدباغ في رد الجلد إلى ما كان عليه فيعود طاهرا ، وهو مفقود في حق الكلب . وقضى أيما إهاب دبغ فقد طهر بطهارته بالدباغ لأنه يقول بطهارته حال الحياة . أبو حنيفة
فإن قيل : إدارة الحكم على المناسبة في الوصف المومأ إليه حتى سار القول بالزيادة والنقصان يناقض أصلكم في منع إرث كل قاتل ، بناء على ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم : { } مع أن المناسبة خاصة ، وهي المعارضة له بنقيض قصده في استعجال الميراث ، فيخرج القتل المباح والواجب ، وأنتم لا تقولون به . القاتل لا يرث
قلنا : المناسبة خاصة - كما ذكرتم - لكنها معارضة بقول من منع القاتل مطلقا أن الإرث اضطراري ، ولو حصل بالقتل لكان كسبيا ، وذلك ممتنع . ومنهم من يقول : القتل يمنع الموالاة فيمنع الإرث كالرق والكفر . وإذا تعارضت المناسبات تساقطن ولم يعمل بإحداها ، ورجع إلى عموم الحديث مع قطع النظر عن المناسبات . على أن أصل الزيادة والنقص وإن ذكره الغزالي في الشفاء " فقد خالفه غيره . ويشكل ما سماه زيادة ، في مسألة القاضي ، من قياس التمثيل ، وما سماه نقصانا عن عموم الخبر فهو بناء على معارض أما لعدم المناسبة فلا .