مسألة ولها تعلق بالاستصحاب نقل الدبوسي عن أن الشافعي ، لا لما لم يصح ثبوته ، قال : ولهذا لم يجز عدم الدليل حجة في إبقاء ما ثبت بالدليل ، ولم يجز الصلح على الإنكار فلم يصح الصلح ، قال : وعندنا هو جائز [ ص: 36 ] ويقول : شغل الذمة بالدين ، كقول المدعي ليس بحجة على المنكر ، قال : وقال بعضهم : هذا الذي قاله قول المنكر ليس بحجة على المدعي يكون حجة في حق الله تعالى ولا يكون حجة على خصمه بوجه . انتهى . وأنكر عليه الشافعي ابن السمعاني ذلك وقال : عدم الدليل ليس بحجة في موضع . والذي ادعاه على من مذهبه لا ندري كيف وقع له . والمنقول عن الأصحاب ما قدمناه . وأما مسألة الصلح على الإنكار فقد بينا وجه فساده في الخلافيات " . وذكر أيضا مسألة الشفعة على هذا الأصل ، وهي أن من الشافعي ، قال : عند كان في ملكه شقص وباع شريكه نصيبه وأراد الشريك أخذه بالشفعة ، أو كان جارا على أصولهم فأنكر المشتري الشقص ملكا لا يلتفت إلى إنكاره ويثبت له الأخذ بالشفعة بظاهر ملكه بيده . وعندنا : ليس له حق الشفعة حتى يقيم البينة أن الشقص ملكه . الشافعي
قلت : وقال الروياني في البحر " ( في باب التيمم ) : ظاهر كلام - رحمه الله تعالى - أن السكوت وعدم النقل دليل على عدم الحكم ولهذا قال في الشافعي إن صح حديث الماسح على الخفين : هل يلزمه إعادة الصلاة ؟ - رضي الله عنه - قلت به في الأمر بالمسح على الجبائر ، لأنه لم يلزمه الإعادة ، فإن صح قطعت القول به قال : فجعل سكوته عن الإعادة دليلا على نفي وجوبها . علي قلت : بل ظاهر كلام التفصيل بين أن يكون مما تتوفر الدواعي على نقله أم لا ، فإنه قال في تقدير أن خبر الشافعي ماعز حيث رجم ولم يجلد ناسخ لحديث الجمع بينهما . قال : فإن قال قائل : لعله جلده ورجمه . قيل : كانت قصته من مشاهير القصص ، ولو جلد لنقل . فإن قيل : رب تفصيل في القصص لا يتفق نقله ودواعي النفوس إنما تتوفر على نقل كليات القصص . فإن صح في الحديث المتقدم التصريح بالجلد فلا يعارضه التعلق بعدم نقل في حديث مع اتجاه وجه بترك النقل فيه قال مجيبا : الأمر كذلك ، والحق أحق أن يتبع ، ولولا أن الشافعي روى عن أبا الزبير { جابر ماعزا ولم يجلده } . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 37 ] رجم
تعارض الحديث الأول بقصة ماعز . انتهى . أما إذا لم يعلم على الحكم سوى دليل واحد وعلة واحدة فهل يكون عدم كل واحد منهما دالا على عدم الحكم ؟ ينبغي أن يفصل في ذلك بين الحكم العقلي والشرعي فيقال : إن كان ذلك الحكم عقليا فإن العكس فيه غير لازم ، إذ لا يلزم من نفي دليل معين أو علة معينة نفي الحكم ، لجواز أن يكون ثم دليل آخر أو علة أخرى ولم يعلم بهما ، وعدم علمنا بالشيء لا يدل على عدمه ، فلم يحصل القطع واليقين بعدم ذلك الحكم عند عدم ذلك الدليل أو تلك العلة . وإن كان ذلك الحكم شرعيا فإن العكس فيه لازم ، لأنا مكلفون في الأمور الأخروية بغلبة الظن ، ونحن إذا لم نعلم على الحكم سوى دليل واحد أو علة واحدة غلب على الظن عدم الحكم من عدم ذلك الدليل أو عدم تلك العلة ، في الشرعيات ، بخلاف العقليات فإن المطلوب فيها القطع واليقين ، وأنه غير مظنون به في هذا الموطن . . والظن متعبد به