خامسها - أن يكون السلف فيقدم على ما ليس كذلك ، لأن الأكثر يوفق للصواب ما لا يوفق له [ ص: 206 ] الأقل ، كتقديمنا حديث تكبيرات العيد في الركعة الأولى وأنها سبعة سوى تكبيرة الإحرام ، وفي الثانية خمس سواها أيضا على حديث الحنفية أنها في الأولى خمس ، وفي الثانية أربع ، لعمل الخلفاء الأربعة وغيرهم على الأول . وقيل : لا يرجح ، وبه قال أحدهما عليه عمل أكثر أهل الكرخي والجبائي ، لأنه لا حجة في قول الأكثر ، وكذلك الحكم فيما إذا ولم ينقل مثل ذلك في الآخر ، فيرجح الأول . قال في المنخول " : وإن كنا لا نرى تقديم عمل الصحابة على الحديث ، خلافا تعارضا وعمل بأحدهما بعض الصحابة . وقال لمالك إمام الحرمين : استشهد بما رواه الشافعي في نصب النعم وقدمه على رواية أنس فيها ، لأن عمل الشيخين يوافق رواية علي ، فقال رضي الله عنه : أقدم حديث أنس . قال أنس الإمام : وهذا مما يجب التأني فيه ، فليس هذا من باب عمل الصحابة بخلاف الخبر ، إذ لم يصح عندنا بلوغهم حديث ثم لم يعملوا به . والرأي تعارضهما ويقدم حديث علي من جهة أن النصب مقادير لا مجال للرأي فيها ، فيقدم من هذه الجهة . قال أنس إلكيا : والذي قاله المحققون أنا إن تحققنا بلوغ الحديثين الصحابة وخالفوا أحدهما فمخالفة الصحابة للحديث قادحة فيه ، سواء عارضه غيره أم لا ، وفيه خلاف . وإن لم يتحقق بلوغ الحديث إياهم يرجح به ، وفيه نظر على الجملة ، فإن الحديث الآخر إذا لم يبلغهم لم يكونوا مخالفين له حتى يقال : لعلهم عملوا بناسخ ، إلا أن يقال : ما عملوا به مدة عمرهم يدل على أنه الأصح والأوضح . . فالشافعي