الثاني المجتهد الفقيه  وهو البالغ العاقل ذو ملكة يقتدر بها على استنتاج الأحكام من مأخذها وإنما يتمكن من ذلك بشروط  أولها - إشرافه على نصوص الكتاب والسنة : فإن قصر في أحدهما لم يجز له أن يجتهد ولا يشترط معرفة جميع الكتاب ، بل ما يتعلق فيه بالأحكام  [ ص: 230 ] قال : قال الغزالي  وابن العربي    : وهو مقدار خمسمائة آية ، وحكاه الماوردي  عن بعضهم وكأنهم رأوا مقاتل بن سليمان  أول من أفرد آيات الأحكام في تصنيف وجعلها خمسمائة آية ، وإنما أراد الظاهرة لا الحصر ، فإن دلالة الدليل تختلف باختلاف القرائح ، فيختص بعضهم بدرك ضرورة فيها ولهذا عد من خصائص  الشافعي  التفطن لدلالة قوله تعالى : { وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا    } على أن من ملك ولده عتق عليه وقوله تعالى : { امرأة فرعون    } على صحة أنكحة أهل الكتاب  ، وغير ذلك من الآيات التي لم تسق للأحكام وقد نازعهم ابن دقيق العيد  أيضا وقال : هو غير منحصر في هذا العدد ، بل هو مختلف باختلاف القرائح والأذهان وما يفتحه الله على عباده من وجوه الاستنباط ولعلهم قصدوا بذلك الآيات الدالة على الأحكام دلالة أولية بالذات لا بطريق التضمن والالتزام قلت    : ومن أراد التحقيق بذلك فعليه بكتاب الإمام عز الدين بن عبد السلام  قال  الأستاذ أبو منصور    : يشترط معرفة ما يتعلق بحكم الشرع ، ولا يشترط ما فيها من القصص والمواعظ وإذا كان عالما بأحكام القرآن فهل يشترط أن يكون حافظا لتلاوته ؟ قال في القواطع " : ذهب كثير من أهل العلم إلى أنه يلزم أن يكون حافظا للقرآن ، لأن الحافظ أضبط لمعانيه من الناظر فيه وقال آخرون : لا يلزم أن يحفظ ما فيه من الأمثال والزواجر وجزم الأستاذ أبو إسحاق  وغيره بأنه لا يشترط الحفظ ، وجرى عليه الرافعي    . 
				
						
						
