مسألة [ الاختلاف في المحسات ] . اختلفوا في المحسات ، فقيل : كلها في درجة واحدة ، وقيل : السمع والبصر مقدمان . ثم هؤلاء اختلفوا ، فمنهم من قدم البصر على السمع ، لتعلقه بجميع الموجودات . ومنهم من سوى بينهما ، ومنهم من قدم السمع ; لأنه لا يحتاج إلى الأشعة المتعرضة للتعريجات والحركات ; ولأن السمع لا يختص دركه بجهة بخلاف البصر ، واختار  ابن قتيبة  هذا ، وقال : قدم الله السمع على البصر ، فقال :  [ ص: 94 ]   { أفأنت تسمع الصم    } ثم قال : { ومنهم من ينظر إليك    } وقال : إن الله لم يبعث أصم ، ومن الأنبياء عميانا . وقال أئمتنا : وهذا فضول منه . واختلفوا أيضا فقدم أبو الحسن  ما يدرك بالحواس على ما يدرك بنظر العقل ، وقدم  القلانسي  ما يعلم بالنظر على ما يعلم بالمحسات ; لأن تعرض الحواس للآفات أكثر من تعرض العقل لها . قال ابن القشيري    : وكل هذا تكثير الجوز بالعفن . وقد اخترنا أن العلوم ضرورية لا تقديم ولا تأخير . نعم قد يطول الطريق ويقصر فيترتب الأمر لذلك ، وأما العلوم في أنفسها فلا ترتب فيها . 
				
						
						
