حقيقة في الاختصاص كقولك : المال لزيد ، وقولهم : للملك مجاز من [ ص: 165 ] وضع الخاص موضع العام ; لأن الملك اختصاص ، وليس كل اختصاص ملكا . فإذا قيل : هي للاختصاص دخل فيه الملك وغيره ، كقولك : السرج للدابة ، والباب للمسجد . أي : هما مختصان بهما ، ولم يوجد فيهما حقيقة الملك ، وجعلها اللام الجرجاني حقيقة في الملك ، ومتى استعلمت في غيره فبقرينة . والصحيح : الأول ; لأن الاختصاص معنى عام لجميع موارد استعمالها وبأي معنى استعملت لا تخلو منه . قال ابن يعيش : إنما قلنا : أصلها الاختصاص لعمومه ، ولأن كل مالك مختص بملكه ، ولهذا لم يذكر في " المفصل " غيره ، ولم يذكر أنها للملك . وقال ابن الخشاب : قال الحذاق : اللام تفيد الاختصاص الذي يدخل فيه الملك ، ولذلك يقول العبد : سيد لي قبل العتق ، ومولى لي بعده ، كما قال السيد : عبيد لي ، التنزيل { لمن الملك اليوم لله } وفيه { ولله على الناس حج البيت } { ولسليمان الريح } { ولمن خاف مقام ربه } { ولكم نصف ما ترك أزواجكم }
[ ص: 166 ] قال : فما لا يصلح له التملك قيل : اللام معه لام الاستحقاق ، وما صح أن يقع فيه التملك وأضيف إليه ما ليس بمملوك له قيل : اللام معه لام الاستحقاق ، وما عدا ذلك فاللام فيه عندهم لام الملك . وفرق القرافي بين الملك والاستحقاق والاختصاص فقال : المال إن أضيف إلى من يعقل كانت للملك ، وإلا فإن شهدت العادة له به فللاستحقاق ، كالسرج للدابة ، وإن لم تشهد به بل كانت من شهادة العادة وغيرها فهو للاختصاص ، فالملك أخص من الاستحقاق ، والاستحقاق أخص من الاختصاص ، وما قاله ابن الخشاب في الفرق أحسن . وجعل بعضهم اللام في قوله صلى الله عليه وسلم : { } للاختصاص ; إذ لو كانت للملك لتنافى مع قوله : ( فماله للبائع ) . وحكى من باع عبدا وله مال الرافعي في كتاب الإفراد عن الأصحاب أن اللام تقتضي الاختصاص بالملك أو غيره ، فإن تجردت وأمكن الحمل على الملك حمل عليه ; لأنه أظهر وجوه الاختصاص ، وإن وصل بها وذكر وجها آخر من الاختصاص أو لم يمكن الحمل على الملك ، كقولنا : الحبل للفرس حمل عليه . وتأتي للتعليل : كقوله تعالى : { لئلا يكون للناس على الله حجة } ، وللعاقبة ، نحو { فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا } قال ابن السمعاني : وعندي أنه مجاز وقال : التحقيق أنها لام العلة ، والتعليل فيها وارد على طريق الزمخشري
[ ص: 167 ] المجاز لا الحقيقة . وقال الشيخ جمال الدين بن هشام في " المغني " : أنكر البصريون لام العاقبة . قلت : في كتاب " المبتدئ " في النحو لابن خالويه ، فأما قوله تعالى : { فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا } فهي لام كي عند الكوفيين ، ولام الصيرورة عند البصريين . انتهى . ونقل ابن برهان في " الغرة " عن الكوفيين أن تقديره " لئلا يكون " . وفي " أمالي الشيخ عز الدين : المفرق بين لام الصيرورة ، كما في قوله تعالى : { ليكون لهم عدوا } ولام التعليل ، كما في قوله تعالى : { لنحيي به بلدة ميتا } أن لام التعليل تدخل على ما هو غرض لفاعل الفعل ، ويكون مرتبا على الفعل ، وليس في لام الصيرورة إلا الترتيب فقط . قال عن ابن فورك الأشعري : كل لام نسبها الله - عز وجل - لنفسه فهي لام الصيرورة ، لاستحالة الغرض مكان المخبر في لام الصيرورة . قال : فعلت هذا بعد هذا ; لأنه غرض لي .