nindex.php?page=treesubj&link=20804مفهوم الموافقة والمعنى اللازم من اللفظ المركب ، إما أن يكون موافقا لمدلول ذلك المركب في الحكم أو مخالفا له ، والأول مفهوم الموافقة ، لأن المسكوت عنه موافق للملفوظ به ، ويسمى فحوى الخطاب ، لأن فحوى الكلام ما يفهم منه على سبيل القطع ، وهذا كذلك ، لأنه أولى بالحكم من المنطوق به أو مساو له ، ويسمى أيضا لحن الخطاب لكن لحن الخطاب معناه . قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=30ولتعرفنهم في لحن القول } . هكذا قال الأصوليون .
[ ص: 125 ] وحكى
الماوردي ،
والروياني في باب القضاء في
nindex.php?page=treesubj&link=20806_20805الفرق بين الفحوى ولحن الخطاب وجهين : أحدهما : أن الفحوى ما نبه عليه اللفظ ، واللحن ما لاح في أثناء اللفظ . والثاني : الفحوى ما دل على ما هو أقوى منه ، ولحن القول ما دل على مثله . ا هـ . وذكر
القفال في فتاويه " أن فحوى الخطاب : ما دل المظهر على المسقط ، ولحن القول : ما يكون محالا على غير المراد في الأصل والوضع من الملفوظ ، والمفهوم : ما يكون المراد به المظهر والمسقط كقوله : ( في سائمة الغنم الزكاة ) ، فالمراد به إثبات الزكاة في السائمة وإسقاطها في غيرها . ومثل فحوى الخطاب بقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } . وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=63أن اضرب بعصاك البحر فانفلق } . أي فضرب فانفلق ، لأن الفحوى هو المعنى ، وإنما يعرف المراد به بدلالة اللفظ المظهر على المضمر المحذوف . قال : وكان
الشيخ أبو الحسن المقري يجوز الوقف على قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=63أن اضرب بعصاك البحر } ثم يبتدئ بقوله : { فانفلق } فقلت له : إن ذلك لا يجوز ، لأن قوله : { أن اضرب } وقوله : { فانفلق } بمجموعهما يدلان على ذلك المسقط ، فلم يجز الوقف عليه .
قال : وأما لحن القول فهو غير هذا ، ويسمى به ، لأن اللفظ يذكر
[ ص: 126 ] ويراد غيره ، لكن باللحن من القول تبين أن المراد به غيره ، كما قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=30ولتعرفنهم في لحن القول } لأنه قال قبل ذلك : {
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=16حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال } . كان المراد أن ما قال عليه السلام ليس بشيء ، فهذا هو لحن القول ، لأن قولهم : ماذا قال محمد آنفا ؟ لم يكن غرضهم من هذا اللفظ استكشاف القول ، والفحص عن معناه . وهذا اللفظ يجوز أن يراد به ذلك ، لكن في لحن القول قد يراد به ما قدرناه ، فهم كانوا يقولون ذلك ، وكان ذلك بينا في لحن قولهم ، والله أعلم .
وهذا المفهوم تارة يكون أولى بالحكم من المنطوق ، إما في الأكثر كدلالة تحريم التأفيف من قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=23فلا تقل لهما أف } على تحريم الضرب ، وسائر أنواع الأذى ، فإن الضرب أكثر أذى من التأفيف ، وكقوله صلى الله عليه وسلم في المسلمين : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=43863يسعى بذمتهم أدناهم } ، فإنه يفهم ثبوت الذمة لأعلاهم بطريق الأولى . وإما في الأقل كقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=75ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك } مفهومه أن أمانته تحصل في الدرهم بطريق الأولى . وتارة يكون مساويا ، كدلالة جواز المباشرة من قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم } على جواز أن يصبح الرجل صائما جنبا ، لأنه لو لم يجز ذلك ، لم يجز للصائم مده المباشرة إلى الطلوع ، بل وجب قطعها مقدار ما يسع فيه الغسل قبل طلوع الفجر .
nindex.php?page=treesubj&link=20804مَفْهُومُ الْمُوَافَقَةِ وَالْمَعْنَى اللَّازِمُ مِنْ اللَّفْظِ الْمُرَكَّبِ ، إمَّا أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِمَدْلُولِ ذَلِكَ الْمُرَكَّبِ فِي الْحُكْمِ أَوْ مُخَالِفًا لَهُ ، وَالْأَوَّلُ مَفْهُومُ الْمُوَافَقَةِ ، لِأَنَّ الْمَسْكُوتَ عَنْهُ مُوَافِقٌ لِلْمَلْفُوظِ بِهِ ، وَيُسَمَّى فَحْوَى الْخِطَابِ ، لِأَنَّ فَحْوَى الْكَلَامِ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ عَلَى سَبِيلِ الْقَطْعِ ، وَهَذَا كَذَلِكَ ، لِأَنَّهُ أَوْلَى بِالْحُكْمِ مِنْ الْمَنْطُوقِ بِهِ أَوْ مُسَاوٍ لَهُ ، وَيُسَمَّى أَيْضًا لَحْنَ الْخِطَابِ لَكِنَّ لَحْنَ الْخِطَابِ مَعْنَاهُ . قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=30وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ } . هَكَذَا قَالَ الْأُصُولِيُّونَ .
[ ص: 125 ] وَحَكَى
الْمَاوَرْدِيُّ ،
وَالرُّويَانِيُّ فِي بَابِ الْقَضَاءِ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=20806_20805الْفَرْقِ بَيْنَ الْفَحْوَى وَلَحْنِ الْخِطَابِ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّ الْفَحْوَى مَا نَبَّهَ عَلَيْهِ اللَّفْظُ ، وَاللَّحْنُ مَا لَاحَ فِي أَثْنَاءِ اللَّفْظِ . وَالثَّانِي : الْفَحْوَى مَا دَلَّ عَلَى مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ ، وَلَحْنُ الْقَوْلِ مَا دَلَّ عَلَى مِثْلِهِ . ا هـ . وَذَكَرَ
الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ " أَنَّ فَحْوَى الْخِطَابِ : مَا دَلَّ الْمُظْهَرُ عَلَى الْمُسْقَطِ ، وَلَحْنُ الْقَوْلِ : مَا يَكُونُ مُحَالًا عَلَى غَيْرِ الْمُرَادِ فِي الْأَصْلِ وَالْوَضْعِ مِنْ الْمَلْفُوظِ ، وَالْمَفْهُومُ : مَا يَكُونُ الْمُرَادُ بِهِ الْمُظْهَرَ وَالْمُسْقَطَ كَقَوْلِهِ : ( فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ الزَّكَاةُ ) ، فَالْمُرَادُ بِهِ إثْبَاتُ الزَّكَاةِ فِي السَّائِمَةِ وَإِسْقَاطُهَا فِي غَيْرِهَا . وَمِثْلُ فَحْوَى الْخِطَابِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } . وَقَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=63أَنْ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ } . أَيْ فَضُرِبَ فَانْفَلَقَ ، لِأَنَّ الْفَحْوَى هُوَ الْمَعْنَى ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ الْمُرَادُ بِهِ بِدَلَالَةِ اللَّفْظِ الْمُظْهَرِ عَلَى الْمُضْمَرِ الْمَحْذُوفِ . قَالَ : وَكَانَ
الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْمُقْرِي يُجَوِّزُ الْوَقْفَ عَلَى قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=63أَنْ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ } ثُمَّ يَبْتَدِئُ بِقَوْلِهِ : { فَانْفَلَقَ } فَقُلْت لَهُ : إنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ ، لِأَنَّ قَوْلَهُ : { أَنْ اضْرِبْ } وَقَوْلَهُ : { فَانْفَلَقَ } بِمَجْمُوعِهِمَا يَدُلَّانِ عَلَى ذَلِكَ الْمُسْقَطِ ، فَلَمْ يَجُزْ الْوَقْفُ عَلَيْهِ .
قَالَ : وَأَمَّا لَحْنُ الْقَوْلِ فَهُوَ غَيْرُ هَذَا ، وَيُسَمَّى بِهِ ، لِأَنَّ اللَّفْظَ يُذْكَرُ
[ ص: 126 ] وَيُرَادُ غَيْرُهُ ، لَكِنْ بِاللَّحْنِ مِنْ الْقَوْلِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ غَيْرُهُ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=30وَلِتَعْرِفْنَهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ } لِأَنَّهُ قَالَ قَبْلَ ذَلِكَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=16حَتَّى إذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ } . كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ مَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَيْسَ بِشَيْءٍ ، فَهَذَا هُوَ لَحْنُ الْقَوْلِ ، لِأَنَّ قَوْلَهُمْ : مَاذَا قَالَ مُحَمَّدٌ آنِفًا ؟ لَمْ يَكُنْ غَرَضُهُمْ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ اسْتِكْشَافَ الْقَوْلِ ، وَالْفَحْصَ عَنْ مَعْنَاهُ . وَهَذَا اللَّفْظُ يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ ذَلِكَ ، لَكِنَّ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ قَدْ يُرَادُ بِهِ مَا قَدَّرْنَاهُ ، فَهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ ذَلِكَ ، وَكَانَ ذَلِكَ بَيِّنًا فِي لَحْنِ قَوْلِهِمْ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَهَذَا الْمَفْهُومُ تَارَةً يَكُونُ أَوْلَى بِالْحُكْمِ مِنْ الْمَنْطُوقِ ، إمَّا فِي الْأَكْثَرِ كَدَلَالَةِ تَحْرِيمِ التَّأْفِيفِ مِنْ قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=23فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ } عَلَى تَحْرِيمِ الضَّرْبِ ، وَسَائِرِ أَنْوَاعِ الْأَذَى ، فَإِنَّ الضَّرْبَ أَكْثَرُ أَذًى مِنْ التَّأْفِيفِ ، وَكَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُسْلِمِينَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=43863يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ } ، فَإِنَّهُ يُفْهَمُ ثُبُوتُ الذِّمَّةِ لِأَعْلَاهُمْ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى . وَإِمَّا فِي الْأَقَلِّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=75وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إلَيْكَ } مَفْهُومُهُ أَنَّ أَمَانَتَهُ تَحْصُلُ فِي الدِّرْهَمِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى . وَتَارَةً يَكُونُ مُسَاوِيًا ، كَدَلَالَةِ جَوَازِ الْمُبَاشَرَةِ مِنْ قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغَوْا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ } عَلَى جَوَازِ أَنْ يُصْبِحَ الرَّجُلُ صَائِمًا جُنُبًا ، لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ ، لَمْ يَجُزْ لِلصَّائِمِ مَدُّهُ الْمُبَاشَرَةَ إلَى الطُّلُوعِ ، بَلْ وَجَبَ قَطْعُهَا مِقْدَارَ مَا يَسَعُ فِيهِ الْغُسْلُ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ .