مسألة [ ] النقصان من العبادة هل هو نسخ لها ؟
لا خلاف أن النقصان من العبادة نسخ لما أسقط منها ، لأنه كان واجبا في جملة العبادة ، ثم أزيل وجوبه ، وأما بالنسبة إلى نسخ الباقي فينظر ، فإن كان مما لا تتوقف صحتها عليه كسنة من سننها ، فلا خلاف أيضا أنه ليس بنسخ للعبادة ، نقله الآمدي ، والرازي . لكن الغزالي في كلامه ما يشعر بجريان الخلاف فيه ، وبه صرح الشيخ في " اللمع " .
وإن كان مما يتوقف عليه صحتها من شرط أو غيره ، فاختلفوا فيه على مذاهب ، أصحها أنه ليس بنسخ للعبادة ، ويكون بمثابة تخصيص العموم . قال ابن برهان : وهو قول علمائنا ، وقال ابن السمعاني : إليه ذهب جمهور أصحاب ، واختاره الشافعي الرازي ، والآمدي ، وقال الأصفهاني : إنه الحق ، وحكاه صاحب " المعتمد " عن . وقيل : نسخ لها . وحكاه الكرخي ابن برهان ، وابن السمعاني عن الحنفية .
وفصل القاضي عبد الجبار بين الشرط المنفصل فلا يكون نسخا لها ، فنسخ الوضوء لا ينسخ الصلاة ، وبين الجزء كالقيام والركوع في الصلاة كان نسخا لها ، ووافقه الغزالي في الجزء ، وتردد في الشرط ، وصححه ، لأن الشرط خارج عن ماهية المشروط بخلاف الجزء . أما المنفصل فلا خلاف فيه ، لأنهما عبادتان منفصلتان ، وقيل به مطلقا لزوال إجزائها [ ص: 316 ] بدونه ، وقيل : إن كان مما لا تجزئ العبادة قبل النسخ إلا به فينسخ ، سواء الجزاء والشرط ، وإن كان مما تجزئ العبادة قبل النسخ مع عدمه كالوقوف عن يمين الإمام ، وستر الرأس ، فليس بنسخ حكاه القرطبي الشيخ في " اللمع " .
وقال إلكيا : الذي يجب أن يقال هنا نحو ما سبق في الزيادة على النص ، وجعل الهندي الخلاف في الشرط المتصل نحو الاستقبال ، فأما المنفصل كالوضوء ، قال : فإيراد الإمام وغيره يشعر بأنه لا خلاف فيه ، وكلام غيره يقتضي إثبات الخلاف في الكل .
قلت : وبالأول صرح صاحب " المسودة " ، فقال : الخلاف في المتصل كالتوجه ، فأما المنفصل كالوضوء فلا يكون نسخا لها إجماعا ، لكن ابن السمعاني طرد الخلاف في الكل ، فقال : صورة المسألة فيما لو قدرنا نسخ الوضوء أو نسخ استقبال القبلة ، وفي هذا وأمثاله يكون الكلام ظاهرا في أنه لا يكون نسخا للصلاة . قال : فأما في إسقاط الجزء كالركوع فينبغي أن يكون على ما ذكرناه فيما إذا زيدت ركعة على ركعتين ، يشير إلى أنه يجيء هنا مذهب عبد الجبار من التفصيل بين أن [ يكون النسخ ] لغير المزيد عليه أو لا .