المبحث السادس في . شروط النية
الأول : الإسلام ، ومن ثم لم تصح ، وقيل يصح غسله دون وضوئه وتيممه ، وقيل يصح الوضوء أيضا ، وقيل يصح التيمم أيضا ، ومحل الخلاف في الأصلي ، أما المرتد فلا يصح منه غسل ولا غيره ، كذا قال العبادات من الكافر الرافعي ، لكن في شرح المهذب أن جماعة أجروا الخلاف في المرتد ، وخرج من ذلك صور :
الأولى : ، ليحل وطؤها بلا خلاف للضرورة ، ويشترط نيتها كما قطع به الكتابية تحت المسلم ، يصح غسلها عن الحيض المتولي والرافعي في باب الوضوء وصححه في التحقيق ، كما لا يجزي الكافر العتق عن الكفارة إلا بنية العتق ، وادعى في المهمات أن المجزوم به في الروضة وأصلها ، في النكاح عدم الاشتراط ، وما ادعاه باطل ، سببه سوء الفهم ، فإن عبارة الروضة هناك ، إذا طهرت الذمية من الحيض والنفاس ألزمها الزوج الاغتسال ، فإن امتنعت أجبرها عليه واستباحها ; وإن لم تنو للضرورة ، كما يجبر المسلمة المجنونة ، فقوله " وإن لم تنو " بالتاء الفوقية ، عائد إلى مسألة الامتناع ، لا إلى أصل غسل الذمية ، وحينئذ لا شك في أن نيتها لا تشترط ، كالمسلمة المجنونة .
وأما عدم اشتراط نية الزوج عند الامتناع والمجنون ، أو عدم اشتراط نيتها في غير حال الإجبار ، فلا تعرض له في الكلام لا نفيا ولا إثباتا ، بل في قوله في مسألة الامتناع " استباحها وإن لم تنو للضرورة " ما يشعر بوجوب النية في غير حال الامتناع .
وعجبت للإسنوي كيف غفل عن هذا ؟ وكيف حكاه متابعوه عنه ساكتين عليه ؟ والفهم من خير ما أوتي العبد .
الثانية : ، لأن المغلب فيها جانب الغرامات ، والنية فيها للتمييز لا للقربة ، وهي بالديون أشبه ، وبهذا يعرف الفرق بين عدم وجوب إعادتها بعد الإسلام ووجوب إعادة الغسل بعده . الكفارة تصح من الكافر ، ويشترط منه نيتها
الثالثة : إذا ، تصح وتجزيه . أخرج المرتد الزكاة في حال الردة
الرابعة : ذكر قاضي القضاة جلال الدين البلقيني : أنه يصح ، ثم إن وافق آخر إسلامه الطلوع فهو مسلم حقيقة ويصح منه النفل مطلقا ، قال : ونظيرها من المنقول صورة المجامع ، يحس وهو مجامع بالفجر فينزع بحيث يوافق آخر نزعه الطلوع ، وإن وافق أول إسلامه الطلوع ، فهذا إذا نوى [ ص: 36 ] النفل صح على الأرجح . صوم الكافر في صورة ، وذلك إذا أسلم مع طلوع الفجر
ولا أثر لما وجد من موافقة أول الإسلام الطلوع ، كما ذكره الأصحاب في صورة أن يطلع وهو مجامع ويعلم بالطلوع في أوله ، فينزع في الحال أنه لا يبطل الصوم فيها على الأصح ، فحينئذ تلك اللحظة التي كانت وقت الطلوع هي المرادة بالتصوير وذلك قبل الحكم بالإسلام ، والأخذ في الإسلام ليس بقاء على الكفر ، كما أن النزع ليس بقاء على الجماع ، ولا يصح منه صوم الفرض والحالة هذه ; لأن التبييت شرط ، فإن بيت وهو كافر ، ثم أسلم كما صورنا .
قال : فهل لهذه النية أثر ؟ لم أر من تعرض لذلك ، ويجوز أن يقال : الشروط لا تعتبر وقت النية كما قالوا في الحائض : تنوي من الليل قبل انقطاع دمها ، ثم ينقطع الأكثر أو العادة ، فلا يحتاج إلى التجديد ، ويجوز أن يقال : يعتبر شرط الإسلام وقت النية ; لأن المعتادة على يقين من الانقطاع لأكثر الحيض ، وعلى ظن قوي للعادة بظهورها ، وليس في إسلام الكافر يقين ولا ظاهر ، فكان مترددا حال النية ، فيبطل الجزم ، كما إذا لم يكن لها عادة أو لها عادة مختلفة ، ولو اتفق الطهر بالليل لعدم الجزم .
قال : ومما يناظر ذلك : ما إذا ، فإذا أسلم في أثناء المسافة قصر على الأرجح . ا هـ . نوى سفر القصر وهو كافر فإنه تعتبر نيته
الشرط الثاني : ولا مجنون : وخرج عن ذلك الطفل يوضئه الولي للطواف حيث يحرم عنه ، والمجنونة يغسلها الزوج عن الحيض ، وينوي على الأصح . التمييز : فلا تصح عبادة صبي ، لا يميز
ومن فروع هذا الشرط : لأنه لا يتصور منهما القصد ، وصححوا أن عمدهما عمد ، وخص الأئمة الخلاف بمن له نوع تمييز ، فغير المميز منهما عمده خطأ قطعا . مسألة عمدها في الجنايات هل هو عمد أو لا ؟
ونظير ذلك : حتى يستغرق دون أول النشوة ، وكذا حكم صلاته وسائر أفعاله . السكران لا يقضى عليه بالحدث
الشرط الثالث : قال العلم بالمنوي : البغوي وغيره : فمن لم يصح منه فعلها ، وكذا لو علم أن بعض الصلاة فرض ولم يعلم فرضية التي شرع فيها ، وإن علم الفرضية وجهل الأركان ، فإن اعتقد الكل سنة أو البعض فرضا والبعض سنة ولم يميزها لم تصح قطعا ، أو الكل فرضا فوجهان : أصحهما الصحة لأنه ليس فيه أكثر من أنه أدى سنة باعتقاد الفرض وذلك لا يؤثر . جهل فرضية الوضوء أو الصلاة
وقال الغزالي : ، فإن قصده لم يعتد به ، وإن غفل عن التفصيل فنية الجملة كافية ، واختاره في الروضة . الذي لا يميز الفرائض من السنن تصح عبادته ، بشرط أن لا يقصد التنفل بما هو فرض
[ ص: 37 ] قال الإسنوي : وغير الوضوء والصلاة في معناهما ، وقال في الخادم : الظاهر أنه لا يشترط ذلك في الحج ، ويفارق الصلاة ، فإنه لا يشترط فيه تعيين المنوي ; بل ينعقد مطلقا ويصرفه بخلاف الصلاة ، ويمكن تعلم الأحكام بعد الإحرام بخلاف الصلاة ، ولا يشترط العلم بالفرضية ; لأنه لو نوى النفل انصرف إلى الفرض .
ومن فروع هذا الشرط : ما ، فإنه لا يقع الطلاق في الأصح ، وكذا لو قال : لم أعلم معناها ولكن نويت بها الطلاق وقطع النكاح فإنه لا يقع ، كما لو خاطبها بكلمة لا معنى لها وقال : أردت الطلاق ونظير ذلك لو لو نطق بكلمة الطلاق بلغة لا يعرفها وقال قصدت بها معناها بالعربية ; فإن عرفه وقع طلقتان ، وإن جهله فواحدة في الأصح ، لأن ما لا يعلم معناه لا يصح قصده . قال : أنت طالق طلقة في طلقتين وقال : أردت معناه عند أهل الحساب
ونظيره أيضا : أن ، وهو لا يدري كم طلق زيد ، وكذا لو نوى عدد طلاق زيد ولم يتلفظ . يقول : طلقتك مثل ما طلق زيد
ونظير أنت طالق طلقة في طلقتين ، فإنه إن قصد الحساب يلزمه عشرة ، كذا أطلقه قول المقر : له علي درهم في عشرة الشيخان هنا ، وقيده في الكفاية بأن يعرفه ، قال : فإن لم يعرفه فيشبه لزوم درهم فقط . وإن قال : أردت ما يريده الحساب ، على قياس ما في الطلاق انتهى ، وقد جزم به في الحاوي الصغير .
ونظير طلقتك مثل ما طلق زيد : فإن البيع لا يصح . بعتك بمثل ما باع به فلان فرسه ، وهو لا يعلم قدره
الشرط الرابع : فلو أن لا يأتي بمناف بطل ، أو الوضوء أو الغسل لم يبطلا ; لأن أفعالهما غير مرتبطة ببعضها ، ولكن لا يحسب المغسول في زمن الردة ; ولو ارتد بعد الفراغ ، فالأصح أنه لا يبطل الوضوء والغسل ويبطل التيمم لضعفه ; ولو وقع ذلك بعد فراغ الصلاة أو الصوم أو الحج أو أداء الزكاة لم يجب عليه الإعادة . ارتد في أثناء الصلاة أو الصوم أو الحج أو التيمم
وأما الأجر فإن لم يعد إلى الإسلام فلا يحصل له لأن الردة تحبط العمل وإن عاد فظاهر النص أنها تحبط أيضا ; والذي في كلام الرافعي أنها إنما تحبط إذا اتصلت بالموت ; بل في الأساليب لو مات مرتدا فحجه وعبادته باقية وتفيده المنع من العقاب ; فإنه لو لم يؤدها لعوقب على تركها ولكن لا تفيده ثوابا ; لأن دار الثواب الجنة وهو لا يدخلها وحكى الواحدي في تفسير سورة النساء خلافا في أنه يكون مطالبا بجميع كفره ، وأن الردة تحبط الإيمان السابق . قال : وهو غلط لأنه صار بالإيمان كمن لم يكفر فلا يؤاخذ به بعد أن ارتفع حكمه قال . وهو نظير الخلاف في أن الكافر يؤمن ثم يرتد والمشهور : لا . من تاب من المعصية ثم عاود الذنب ، هل يقدح في صحة التوبة الماضية ؟
[ ص: 38 ] قلت : ليس بنظيره بل بينهما بون عظيم لفحش أمر الردة فقد نص الله - تعالى - على أنها تحبط العمل ; بخلاف الذنب فإنه لا يحبط عملا وقد صح في الحديث في الكافر يسلم " أنه { } . إن أساء أوخذ بالأول والآخر
ومن نظائر ذلك : أن من صحب النبي صلى الله عليه وسلم ثم ارتد ومات على الردة كابن خطل لا يطلق عليه اسم الصحابي وأما من ارتد بعده ثم أسلم ومات مسلما فقال كالأشعث بن قيس الحافظ أبو الفضل العراقي : في دخوله في الصحابة نظر ; فقد نص الشافعي على أن وأبو حنيفة قال : والظاهر أنها محبطة للصحبة السابقة قال : أما من رجع إلى الإسلام في حياته الردة محبطة للعمل كعبد الله بن أبي سرح فلا مانع من دخوله في الصحبة انتهى .
وفي البحر لو بطلت . قال : والذي كنت أقول : صلاته صحيحة لأن ردته لم تصح ثم ظهر لي الآن بطلانها لأن اعتقاد الكفر إبطال لها فلو وقع ذلك في وضوء أو صوم فوجهان مبنيان على نية الخروج أو في حج أو عمرة لم يضر لأنه لا يبطل بنية الإبطال ; انتهى كلام صاحب البحر . اعتقد صبي - أبويه مسلمان - الكفر وهو في الصلاة