القول في الكتابة : 
فيها مسائل الأولى : في الطلاق فإن كتبه الأخرس  فأوجه ، أصحها أنه كناية ، فيقع الطلاق إن نوى ، ولم يشر . 
والثاني : لا بد من الإشارة . 
والثالث : صريح . وأما الناطق : فإن تلفظ بما كتبه ، حال الكتابة أو بعدها طلقت ، وإن لم يتلفظ فإن لم ينو إيقاع الطلاق لم يقع على الصحيح ، وقيل يقع فيكون صريحا . وإن نوى فأقوال أظهرها تطلق والثاني لا والثالث إن كانت غائبة عن المجلس طلقت وإلا فلا . 
قال في أصل الروضة : وهذا الخلاف جار في سائر التصرفات التي لا تحتاج إلى قبول كالإعتاق والإبراء والعفو عن القصاص وغيرها . وأما ما يحتاج إلى قبول فهو نكاح وغيره ، فغير النكاح كالبيع والهبة والإجارة ففي انعقادها بالكتابة خلاف مرتب على الطلاق وما في معناه إن لم يصح بها فهنا أولى ، وإلا فوجهان للخلاف في انعقاد هذه التصرفات بالكنايات ; ولأن القبول شرط فيها فيتأخر عن الإيجاب ، والمذهب الانعقاد ، ثم المكتوب إليه : له أن يقبل بالقول وهو أقوى وله أن يكتب القبول . 
وأما النكاح : ففيه خلاف مرتب ، والمذهب منعه بسبب الشهادة فلا اطلاع للشهود على النية . ولو قالا بعد الكتابة : نوينا : كان شهادة على إقرارهما ، لا على نفس العقد ، ومن جوز ، اعتمد الحاجة . وحيث جوزنا انعقاد البيع ونحوه بالكتابة  ، فذلك في حال الغيبة ، فأما عند الحضور : فخلاف مرتب ، والأصح الانعقاد . 
 [ ص: 309 ] وحيث جوزنا انعقاد النكاح بها فيكتب : زوجتك بنتي  ، ويحضر الكتاب عدلان ; ولا يشترط أن يحضرهما ولا أن يقول : اشهدا ، فإذا بلغه يقبل لفظا أو يكتب القبول ويحضره شاهدا الإيجاب ، ولا يكفي غيرهما في الأصح ، ولو كتب إليه بالوكالة  فإن قلنا : لا يحتاج إلى القبول فهو ككتابة الطلاق وإلا فكالبيع ونحوه . وولاية القضاء كالوكالة ، فالمذهب صحتها بالكتابة ، وكذا يقع العزل بالكتابة . وإن كتب إليه : إذا أتاك كتابي فأنت معزول ، لم ينعزل قبل أن يصل إليه الكتاب قطعا قاضيا كان أو وكيلا ، وكذا في الطلاق . 
وإن كتب : أنت معزول أو عزلتك ، فالأظهر العزل في الحال في الوكيل دون القاضي لعظم الضرر في نقض أقضيته . ولا خلاف في وقوع الطلاق في نظير ذلك ، في الحال . وإن كتب : إذا قرأت كتابي فأنت معزول أو طالق  ، لم يحصل العزل والطلاق بمجرد البلوغ ، بل بالقراءة ، فإن قرئ عليه أو عليها - وهما أميان - وقع الطلاق والعزل . 
وإن كانا قارئين ، فالأصح انعزال القاضي ; لأن الغرض إعلامه وعدم وقوع الطلاق لعدم قراءتها مع الإمكان ، وقيل : لا ينعزل القاضي أيضا . وقيل : يقع الطلاق كالعزل . 
والفرق : أن منصب القاضي يقتضي القراءة عليه دون المرأة . 
تنبيه : 
قال  ابن الصلاح    : ينبغي للمجيز في الرواية كتابة أن يتلفظ بالإجازة  أيضا ، فإن اقتصر على الكتابة ولم يتلفظ مع قصد الإجازة صحت ، وإن لم يقصد الإجازة . قال  ابن الصلاح    : فغير مستبعد تصحيح ذلك في هذا الباب كما أن القراءة على الشيخ - إذا لم يتلفظ بما قرأ عليه - جعلت إخبارا منه بذلك وقال الحافظ أبو الفضل العراقي    : الظاهر عدم الصحة . 
المسألة الثانية قال النووي  في الأذكار : من كتب سلاما في كتاب  ، وجب على المكتوب إليه رد السلام إذا بلغه الكتاب ، قاله المتولي  وغيره ، وزاد في شرح المهذب أنه يجب الرد على الفور . 
				
						
						
