كتب الفقيه ، وسلاح الجندي ، وآلة الصانع ذكرت في مواضع أحدها : الزكاة قال النووي  في شرح المهذب والروضة نقلا عن الغزالي  في الإحياء   : لو كان له كتب فقه لم تخرجه عن المسكنة    : يعني والفقر . قال : ولا تلزمه زكاة الفطر ، وحكم كتابه حكم أثاث البيت ; لأنه محتاج إليه قال : لكن ينبغي أن يحتاط في فهم الحاجة إلى الكتاب فالكتاب يحتاج إليه لثلاثة أغراض : التعليم ، والتفرج بالمطالعة ، والاستفادة . 
فالتفرج : لا يعد حاجة ، كاقتناء كتب الشعر ، والتواريخ ، ونحوها مما لا ينتفع به في الآخرة ولا في الدنيا  [ ص: 375 ] فهذا يباع في الكفارة وزكاة الفطر ، ويمنع اسم المسكنة . وأما حاجة التعليم : فإن كان للكسب كالمؤدب ، والمدرس بأجرة ، فهذه آلته فلا تباع في الفطرة : كآلة الخياط . وإن كان يدرس لقيام فرض الكفاية لم يبع ، ولا يسلبه اسم المسكنة ; لأنها حاجة مهمة وأما حاجة الاستفادة والتعلم من الكتاب ، كادخاره كتاب طب ليعالج به نفسه أو كتاب وعظ ليطالعه ، ويتعظ به ، فإن كان في البلد طبيب وواعظ ، فهو مستغن عن الكتاب ، وإن لم يكن ، فهو محتاج ، ثم ربما لا يحتاج إلى مطالعته إلا بعد مدة قال : فينبغي أن يضبط ، فيقال : ما لا يحتاج إليه في السنة ، فهو مستغن عنه . فيقدر حاجة أثاث البيت وثياب البدن بالسنة ، فلا تباع ثياب الشتاء في الصيف ، ولا ثياب الصيف في الشتاء ، والكتب بالثياب أشبه . وقد يكون له من كل كتاب نسختان ، فلا حاجة له إلا إلى إحداهما فإن قال : إحداهما أصح ، والأخرى حسن قلنا : اكتف بالأصح وبع الأخرى وإن كان له كتابان من علم واحد أحدهما : مبسوط والآخر : وجيز فإن كان مقصوده : الاستفادة ، فليكتف بالمبسوط . 
وإن كان قصده التدريس : احتاج إليهما . هذا آخر كلام الغزالي    . 
قال النووي    : وهو حسن ، إلا قوله " في كتاب الوعظ " إنه يكتفي بالواعظ ، فليس كما قال ; لأنه ليس كل أحد ينتفع بالواعظ ، كانتفاعه في خلوته على حسب إرادته . قلت : وكذا قوله في كتاب الطب : إنه يكتفي بالطبيب ، ينبغي أن يكون محله إذا كان في البلد طبيب متبرع ، فإن لم يكن إلا بأجرة ، لم يكلف بيع الكتاب والاستئجار عند الحاجة . 
الموضع الثاني : الحج قال في شرح المهذب : لو كان فقيها وله كتب فهل يلزمه بيعها للحج ؟  قال  القاضي أبو الطيب    : إن لم يكن له بكل كتاب إلا نسخة واحدة ، لم يلزمه لأنه محتاج إلى كل ذلك ، وإن كان له نسختان لزمه بيع إحداهما ، فإنه لا حاجة به إليهما . 
وقال  القاضي حسين    : يلزم للفقيه بيع كتبه في الزاد والراحلة  [ ص: 376 ] قال : وهذا الذي قاله ضعيف ، وهو تفريع منه على طريقته الضعيفة في وجوب بيع المسكن والخادم للحج  قال : فالصواب ما قاله  أبو الطيب  ، فهو الجاري على قاعدة المذهب ، وعلى ما قاله الأصحاب هنا في المسكن والخادم ، وعلى ما قالوه في باب الكفارة ، وباب التفليس . ا هـ . 
الموضع الثالث : الدين قال الإسنوي  في باب التفليس : رأيت في زيادات العبادي  أنه يترك للعالم ، ولم أر ما يخالفه . 
وذكر النووي  في الحج في شرح المهذب ما يقتضيه ، ونقل كلام العبادي  في قسم الصدقات وأقره . 
				
						
						
